تعرف الفرص الاستثمارية بأنها «عبارة عن مشاريع أو أصول مالية محتملة يمكن للمستثمرين استغلالها لزيادة رؤوس أموالهم وتحقيق عوائد مالية أو اقتصادية»، وتتنوع مجالاتها ما بين أسهم، وسندات، وصناديق استثمارية مرتبطة بالبنوك، ومؤخرا دخل الاستثمار التكنولوجي والرعاية الصحية كفرص استثمارية لدى أصحاب الخبرات، فيما ظهرت الاستثمارات في مجال خدمات الحجاج باستحياء ومنحصرة في مجال النقل والخدمات الفندقية وخدمات التغذية للأفراد.

فشركات مقدمي خدمات حجاج الخارج خاصة شركات أرباب الطوائف والتي تمتلك خبرات جيدة ورأس مال قويا، فانحصر اهتمامها في خدمات الاستقبال وتشييد المخيمات والسعي لكسب أكبر عدد من الحجاج بعد إلغاء التوزيع الجغرافي دون النظر للفرص الاستثمارية المتاحة سواء بمكة المكرمة أو المشاعر المقدسة، خاصة تلك التي تتولاها الهيئة الملكية لتطوير مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة ممثلة في شركة كدانة.

فالاعتقاد السائد لدى البعض أن خدمات الحجاج في المشاعر المقدسة مقتصرة على خمسة أيام موزعة بين يوم التروية ويوم الوقفة بعرفات ويوم عيد الأضحى وأيام التشريق، وتسبب هذا الاعتقاد في ضياع الكثير من الفرص الاستثمارية لشركات مقدمي خدمات حجاج الخارج.

غير أن إحدى شركات أرباب الطوائف حملت مشعل الانطلاق نحو الاستثمار في مجال خدمات المشاعر المقدسة وأبرزت عملا شاهدناه كما شاهده العالم متمثلا في مشروع خيام الطابقين الذي تبنت شركة إثراء المشاعر تنفيذه، ويمثل تحولا نوعيا في خدمات إسكان الحجاج بالمشاعر المقدسة يتماشى مع رؤية المملكة 2030 التي تهدف إثراء تجربة الحاج من خلال توفير إقامة متميزة وخدمات راقية.

فجاء المشروع ليس كفرصة استثمارية للشركة بل فتح المجال أمام فكرة زيادة الطاقة الاستيعابية لمشعر منى ليلبي رؤية 2030 التي تدعو لتمكين خمسة ملايين حاج من أداء فريضة الحج.

وحتى تثبت شركات القطاع الخاص خاصة شركات أرباب الطوائف نجاحاتها وتدخل مجال الاستثمار المجدي بدراسة جدوى جيدة، فلا بد من توفر العديد من المقومات أبزرها الكوادر المؤهلة علميا وعمليا القادرة على ترجمة الفكرة إلى واقع عملي، فنحن اليوم في زمن الشركات التي تحتاج إلى رؤية واضحة وقيادة فعالة وفريق عمل مبني على التميز واستراتيجية محكمة، وإدارة مالية فعالة وابتكار وتطوير مستمر؛ لأن الفرص الاستثمارية تتطلب دراسة وتحليلا دقيقين لعدة عوامل، منها تحديد الأهداف الاستثمارية، تحليل السوق، تقييم المخاطر، ووضع خطة عمل مفصلة. يجب على المستثمرين أيضا أن يكونوا على دراية بالقطاعات الاستثمارية المختلفة وأن يختاروا القطاعات التي تتناسب مع أهدافهم وقدراتهم، ومثل هذه الدراسات تحتاج إلى شخصيات مؤهلة علميا وعمليا داخل مجالس الإدارات لا أن يكون البعض من أعضاء مجالس الإدارات صورة لتكملة العدد، فيما يقوم الرئيس التنفيذي أو المدير التنفيذي بإدارة أمور الشركة بأسلوبه وطريقته التقليدية.

على شركات أرباب الطوائف أن تسعى للاستفادة من الفرص المتاحة بشكل جيد، وتعلم أن فكرة وأسلوب المؤسسات التي كانت سائدة وتعتمد على المجاملات والسعي لكسب الأصوات في الانتخابات القادمة قد انتهت، ونحن الآن في الشركات التي تتطلب أن يكون رئيس مجلس الإدارة قائدا يتمتع برؤية استراتيجية واضحة ومهارات عالية فعالة وشجاعة في اتخاذ القرارات الصائبة.

وأن الرئيس التنفيذي للشركة القابضة وإن كان يمثل أعلى منصب تنفيذي في الشركة فدوره محدد في الإشراف على جميع جوانب العمليات والإدارة لتحقيق أهداف الشركة واستراتيجياتها «وهو من يضع الرؤية الشاملة للشركة القابضة ويحدد التوجهات الاستراتيجية طويلة الأجل لتحقيق النمو والتطور». وينبغي أن يكون شخصية مؤهلة وقادرة على مواكبة التغييرات المتسارعة كذلك الحال للمدير التنفيذي، فلا بد أن يكون هو الآخر مؤهلا علميا ومجيدا للغة حية يستطيع من خلالها أن يحاور ويناقش ويفاوض دون الحاجة للاستعانة بوسيط أو مترجم.

وإن نجحت شركة إثراء القابضة في بروز مشروع خيام الطابقين بالتعاون مع شركة كدانة فهو نتيجة طبيعية لتوزيع المهام والمسؤوليات بين مجلس إدارة مؤهل يعمل على دراسة المستقبل وإدارة تنفيذية تسعى لتنفيذ التطلعات برؤية علمية وإدارة التنفيذية للأذرع الاستثمارية تعمل على تطوير خدماتها بأعمال ملموسة لا صور منشورة.

في الختام، إن مفتاح نجاح الأعمال يرتبط بالاستغلال الأمثل للفرص الاستثمارية والكوادر البشرية المؤهلة القادرة على اتخاذ قرارات استراتيجية مدروسة وتقليل المخاطر المحتملة.

وقد فتحت شركة كدانة المجال أمام القطاع الخاص للاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة وعلى شركات مقدمي خدمات حجاج الخارج استغلالها بشكل جيد.