المجرم وإعادة تجربة الهنود الحُمر وأفاعي المنطقة - الهلال الإخباري

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المجرم وإعادة تجربة الهنود الحُمر وأفاعي المنطقة - الهلال الإخباري, اليوم الأحد 25 مايو 2025 09:46 مساءً

كل شيء يشبه كل شيء، السيدات الجميلات يشبهن بعضهن بعضا، ربما التجميل يلعب دورا في ذلك. هن كالصواريخ، والصواريخ الهجومية كالمضادة، كلها تؤدي للقتل.

حتى الأغاني والألحان كذلك، أغلبها مسروق من المسروق، المهم أن يطرب المتلقي. والطرق والشوارع تعرف سالكيها. والبدايات بديعة، لكنها إن مضت لن تعود. وحدها الكراهية تبقى وتعيش في نفس الإنسان.

والبيوت المبنية دون وجه حق؛ كبيوت العنكبوت، واهنة وخفيفة للغاية. والسارقون في الأغلب يشبهون أجدادهم. القصة هنا تنطبق على المستوطنين الإسرائيليين، لا الأرض تشبههم، ولا التراب، ولا التسميات الكنعانية القديمة مقبولة.

إنها النموذج الموجود في الشرق الأوسط منذ سبعة وسبعين عاما. هي فلسطين التاريخية، الخاضعة لتوسع الدولة اليهودية. يطالب بعض الحمقى بابتلاع القضية، وبالتالي؛ تسويتها. يعتقد أولئك أن الأمر بهذه السهولة.

يتصورون أنه يمكنهم تغيير التضاريس والجغرافيا، واقتلاع البشر من أرضهم، تارة بقصص النازية الغابرة، وأخرى بفكرة القبول بالتفريط بالوطن.

لا يعي السياسيون في إسرائيل استحالة تنفيذ الأفكار، لا سيما التي تنزع مفهوم الانتماء من نفوس أشخاص تعلقوا بأرضهم، حتى لو بقوة السلاح والنار. يعتقدون أنه بإمكانهم إيجاد مبررات لسرقة بقعة لها أهلها وناسها. يحاول بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان المغتصب، انتزاع ذاك الارتباط من الأرواح، بالطائرات والقصف والتدمير، وتوظيف الأساطير المدعومة بالمواعيد الإلهية المزعومة. لذلك لجأ الأرعن للتجويع، وتصفية الأمهات، والأطفال ومنعهم من الدواء، لتحقيق أهدافه، لكنه فشل.

دون شك اهتز بدخول الإعانات الإنسانية لقطاع غزة مؤخرا. لقد وافق عليها رغم أنفه، كيف؟ لأن السعودية وقفت خلف ذلك، ليس من باب العنجهية أو التحدي، لا مطلقا، بل من باب الإنسانية.

وهذا له دليل، ما هو؟ قال ترامب خلال زيارته الأخيرة للسعودية والخليج «سنعمل على حل مشكلة غزة. كثيرون يتضورون جوعا». بعد عودة الرجل بأيام لبلاده أدخلت الإعانات. ما تفسير ذلك؟ واضح، ليس بحاجة إلى شرح.

أتصور أنه حتى سؤاله لولي العهد الأمير محمد بن سلمان «متى تنام»، لم يكن اعتباطيا، إنما له مقصد، ما هو؟ تسليط الضوء على التناغم بين رئيس أقوى دولة في العالم وبين ولي العهد، الذي يمثل في المقابل أهم دولة في الشرق الأوسط. وهذا يوحي بتفاهمات في الغرف المغلقة وتطابق رؤى سعودية - أمريكية، في كثير من الملفات، على رأسها الملف الفلسطيني.

يتضح جليا أن الأسلوب الأمريكي الجديد في التعامل مع قضايا المنطقة، والمدفوع من الرياض، سيقف حجر عثرة أمام تل أبيب التي تعيش تخبطات في مواقع عدة. مثل ماذا؟ اجتهادها باحتواء الطائفة الدرزية السورية من أبناء السويداء. ليس حبا بهم، بل كراهية بالنظام السوري الجديد. السؤال المنطقي: كيف لإسرائيل أن تحتضن طائفة ليست قريبة من ديانتها ولا من تركيبتها الإجتماعية، بينما بينها وبين طائفة الحريديم اليهودية ما صنع الحداد؟

أعتقد أن أبرز الأوجاع التي تعيشها حكومة نتنياهو حاليا، نابع من الإيقان الأمريكي بالعناوين السعودية العريضة، مثل ماذا؟ أولا: اقتناع واشنطن بالإصرار السعودي على رفض التطبيع مع إسرائيل بالمجان. ثانيا: تفهم الإدارة الأمريكية بأن المشروع السعودي الرامي إلى حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، القائم على حل الدولتين، هو المناسب والمتوفر على الطاولة. ثالثا: إدراك إدارة ترامب برؤية المملكة لحكومة نتنياهو، أنها مارقة وخارجة عن الأعراف الإنسانية والدولية.

لذا نشأت في الذهنية الإسرائيلية المغرورة حالة من الغضب تجاه السياسة السعودية، لا سيما بعد الضغط الذي مارسته الرياض لإدخال المساعدات لغزة. وذلك السخط يقوم على سؤال، مفاده: كيف مضت المملكة في قيمها وقراراتها ولم تتنازل عنها قيد أنملة منذ عقود، وامتثل لها صناع القرار في العواصم العالمية؟ بمقابل أن هناك من يسعى لاسترضاء تلك أبيب، ومن يخاف منها.

وهذا يقودني للتأكيد على أن الثبات السعودي في المواقف السياسية، بقدر ما منحها مكانة عالمية لدى كبريات الدول، بقدر ما قهر إسرائيل، ومن يهرول نحوها من الصغار.

سأخرج عن النص قليلا، ففي نفسي بعض الحديث وأتحمل مسؤوليته. بعد زيارة ترامب الأخيرة للمملكة، برز كثير من المشوشين السذج، كبعض العرب العاربة، والفراعنة، والفينيقيين، والسلاجقة، الذين يحسبون أنفسهم في الأصل عربا. ملأوا الدنيا ضجيجا، واعتبروا أن التفاهم بين واشنطن والرياض بيعا لقضايا الأمة، مثلما باعوا قيمهم وعروبتهم المصطنعة.

هم صغار جدا يتحكم بهم الجهل، ولو كانوا يعقلون أدركوا أن السعودية تقف وراء عديد من تغيير المنهجية الأمريكية والغربية بشكل عام تجاه المنطقة.

إن الغباء والتغافل عن أصل المشاكل التي افتعلها البعض يجعلهم مثيرين للاشمئزاز، فقد نافحوا منذ عقود عن مشاريع كلها فاشلة، كثير منها يشبه خطط نتنياهو السفاح.

دافعوا عن حسن نصر الله شبيه السابق بقتل الأطفال والأمهات، حموا ظهر بشار الأسد زعيم البراميل المتفجرة، ساندوا الحشد الشعبي في العراق، والحوثي في اليمن، وهذه جماعات متطرفة قولا واحدا.

عاشوا على السواد، وعناد مفهوم أن السعودية سند الأمة، ومضت السعودية وأهلها وقادتها، وهم باقون في الدرك الأسفل.

الصورة في المنطقة محبطة، مقسومة على اثنين، محاولة نتنياهو إبادة الفلسطينيين لإعادة تجربة الهنود الحمر، وممارسات الأعراب الحاقدين. ذاك مجرم، وأولئك.. أفاعي المنطقة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق