نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بناء الأجسام ووهم الصحة - الهلال الإخباري, اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025 05:07 صباحاً
– روبرت-
الرياضة فن وارتقاء وصحة ونماء للجسد والعقل والروح والنفس، لكن حينما تؤطر الرياضة بعقدة النقص تصبح مرضا يجر صاحبه إلى ما لا تحمد عقباه. وأعني بعقدة النقص هنا هو حب الظهور بشكل أنيق وبتناسق عضلي - مزيّف - أمام الناس، على حساب دمار الجسد وإتلاف للخلايا من خلال تناول العقاقير من أجل التعجيل في ظهور العضلات في أقصر فترة زمنية ممكنة.
ولقد شهد مجتمعنا خلال السنوات الماضية انتشارا غير مسبوق للمراكز الرياضية، والتي تعكس بدورها نوعا من الرقي الفكري والثقافي والصحي للمجتمع، ولكن ما يعكر صفو مثل هذا التقدم هو الانصدام بما يدور في الخلايا العقلية لأغلب من يرتادون مثل هذه النوادي الصحية حينما ترتبط الرياضة بآراء المجتمع وحب الظهور وليس من أجل الصحة. ولعل ما ذكره الدكتور «داير» في كتابه الماتع (ماذا تريد من طفلك) «تربية الطفل على أن الرياضة صحة تنتج فردا مهتما بالصحة، ولكن حينما ترتبط الرياضة بالحصول على جائزة أو حظوة اجتماعية فقد وضعت صحتك على المحك».
وهذه النظرة التي وضعها الدكتور في كتابه تؤكد الوضع المؤلم الذي نعيشه في مجتمعنا حينما ربط الناس الصحة بكبر العضلات، وفي كيفية الظهور في الأسواق والأماكن العامة بجسم متناسق لا يمت - في الغالب - للصحة ولا يعكس حقائق بناء العضلات، وهو في هذا السياق دمار لأجهزة الجسم ووظائف الأعضاء والخلايا لا يشعر بها الفرد إلا بعد حين من الدهر، وقد تأتي الانعكاسات على عجل.
التثقيف الصحي بأهمية الرياضة هو ما تتنافس عليه الشعوب وليس الظهور بمظهر لائق، فليس للشكل الخارجي للإنسان أدنى مؤشر على الصحة الداخلية للجسد، والحال كذلك حينما نتناول الصحة النفسية والفكرية والثقافية، تجد أحدهم قد يبدو لك من الوهلة الأولى بأنه إنسان، ولكن حينما ينطق تعلم حينها هل تصنفه بأنه إنسان عاقل أو غير ذلك! ولعل ما ذكرته «ويلش»: (تقاس الصحة بما يلتزم به الإنسان في يومه ولك أن تسأل: هل يصعد الدرج مرتين في اليوم أم يتناول دواءه مرتين باليوم...).
لذلك ليس هناك أدنى ارتباط مباشر ما بين ما يمتلك الإنسان من كم عضلي وما يمتلك من هدوء صحي، كم هم أولئك الذين زجت بهم الرياضة في الإدمان، وذلك بسبب ارتباط الرياضة بالشهرة بالدرجة الأولى وليس بالصحة، كم هم أولئك الذين زجت بهم الرياضة إلى العلاج من التليف الكبدي والفشل الكلوي وقصور عضلة القلب وغيرها من الأمراض التي تعطل الوظائف الحيوية للأعضاء الداخلية، وذلك بسبب الانخراط في تناول بعض العقاقير والمكملات الغذائية المصنّعة التي تساعد في تسريع نمو العضلات بشكل غير معقول، والتي تفتت بالمقابل أعضاء الجسم وأجهزته المتنوعة الأخرى، بحثا عن الظهور وتلبية لرغبات ذهنية مسمومة، ولعل أجمل ما قرأت حول هذا الأمر ما قاله قديما الأديب الإنجليزي «وليم شِكسبير» (وما أجسادنا إلا بساتين ورغباتنا هي ذلك البستاني).
ومن عجائب الكون التي عشتها مع أقارب لي لم يمارس أحدهم حتى لعب كرة القدم في حياته أو المشي أو غير ذلك من الحراك الرياضي بل حتى إذا مشى فكأنه عجوز يتهادى في مشيته مخافة السقوط ومن ثم ألتقي به - بعد فترة زمنية - في مناسبة وأجد أن عضلاته تكاد تخرج من ثيابه ولو عصرتها بيدي لجعلت الزيت يفيض منها، فما هي إلا شحوم نتجت عن المكملات البروتينية والسؤال هنا: ما الذي تريده من ممارسة الرياضة؟ هل تريد إرضاء الناس أم إرضاء نفسك والحفاظ على صحتك؟
0 تعليق