نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التخصص الجامعي.. مواجهة مصيرية بين الميول والقدرات وسوق العمل - الهلال الإخباري, اليوم الاثنين 23 يونيو 2025 12:06 صباحاً
تحقيق: سارة البلوشي
في لحظة مصيرية، يقف الطالب المتخرج من المرحلة الثانوية عند مفترق طرق بين أحلامه وتطلعاته، مطالباً باتخاذ واحد من أهم قرارات حياته وهو اختيار التخصص الجامعي، وقد يستمر هذا التردد حتى بعد دخول الجامعة، ليكتشف بعضهم أن ما اختاروه لم يكن الطريق الأنسب ويقررون شق طريق جديد والانتقال إلى تخصص يلبي طموحاتهم.
وأكد خبراء ل «الخليج» إن المرحلة الأنسب لاختيار التخصص الجامعي تبدأ من الصف العاشر أو الحادي عشر، وليس في السنة الأخيرة من المدرسة كما يعتقد البعض، فكلما بدأ الطالب مبكراً في استكشاف ميوله الحقيقية، أصبح قراره أكثر وعياً وملاءمة لقدراته، لذا شددوا على أهمية برامج الإرشاد الأكاديمي.
تساعد برامج الإرشاد الأكاديمي الفعالة في المدارس، على اتخاذ الطلاب قرارات مدروسة من حيث اختيار التخصص الجامعي المناسب، بعيداً عن ضغط المجتمع أو القرارات العشوائية، وترى الدكتورة عائشة الجناحي، كاتبة ومدربة ومحاضرة في شؤون الأسرة والأبناء، أن النضج العقلي والنفسي من العوامل الجوهرية في اتخاذ القرار، فهو يعكس مدى وعي الطالب بذاته وواقعه وطموحه المستقبلي، فعند اتخاذ هذا القرار المصيري، لا بد للطالب أن يطرح على سؤالاً مهماً حول فرص ومستقبل هذا التخصص في سوق العمل؟
ضغط الأسرة
أشارت د. عائشة الجناحي، إلى أن الضغوط الاجتماعية والعائلية قد تكون من أكثر العوامل التي تُربك الطالب في اتخاذ قراره الأكاديمي، خصوصاً في مرحلة لم تتبلور فيها شخصيته بشكل كامل، وفي كثير من الأحيان، لا يختار التخصص بناءً على الميول أو القدرات الذاتية، بل بناءً على ما تتوقعه الأسرة أو ما يمليه المحيطون من صور نمطية حول التخصص الأفضل، أو المهنة الأنسب، دون الأخذ بعين الاعتبار رغبة الطالب نفسه.
وأوضحت أن هذه الضغوط قد تدفع إلى تخصص يشعره بالاغتراب ويفقده الحماس للتعلم أو التطوير، وقد يضطر لاحقاً إلى تغييره أو الدخول في دوامة التردد والندم. لذا، من الضروري أن تُمنح مساحة كافية للطالب لاكتشاف ذاته، وأن يُنظر إليه باعتباره صاحب القرار الأول في مستقبله، مع توفير الدعم والتوجيه المناسب بدلاً من الفرض والضغط.
وقالت إنه حين يكون الاختيار المبكر نابعاً من وعي ذاتي وتوجيه سليم، يصبح الطالب أكثر استقراراً وثقة في مساره الأكاديمي، حيث إن وضوح الوجهة منذ البداية يقلل من التردد، ويمنح التجربة الجامعية معنى وهدفاً واضحاً لا مجرد عبور زمني.
وشددت على أن الجامعات والمؤسسات التعليمية تلعب دوراً جوهرياً في مساعدة الطلاب على اتخاذ قرار التخصص، من خلال تقديم الدعم المبكر والمستمر، عبر إنشاء برامج إرشاد أكاديمية ومهنية تبدأ من المرحلة الثانوية، وتكون الجلسات فردية مع مختصين، وورش عمل تفاعلية تساعد الطالب على اكتشاف ميوله الحقيقي وقدراته وطبيعة كل تخصص والفرص المرتبطة به.
ولفتت إلى أن توفير فرص التجربة المسبقة بزيارات للأقسام الجامعية أو محاكاة مجالات العمل، يُسهّل كثيراً على الطالب فهم التخصص ومدى الاستفادة منه مستقبلاً قبل أن يلتزم به فعلياً، حيث إن الدعم الحقيقي يبدأ عندما ننظر إلى الطالب كشخص يبحث عن هوية، وعن مستقبل زاهر بالإنجازات، لا كرقم في جدول القبول.
الوقت المناسب
قالت الدكتورة شيرين موسى، أستاذة الإعلام الرقمي، أن الوقت المناسب لاختيار التخصص الجامعي يختلف من طالب إلى آخر، وهناك مؤشرات تجعله يتجه نحو تخصص بعينه، لكن ما يحسم الأمر هي سنوات المرحلة الثانوية، لأنه سيكون على دراية بمهاراته ومستواه التعليمي ومن خلال المواد العلمية التي درسها يكون أكثر وعياً. وأكدت أن النضج العقلي والنفسي لهما تأثير كبير، لكن لا نستطيع القول إن الطالب يتمتع بهما في المرحلة الثانوية، وأن الجانب النفسي مهم ويلعب دوراً في الاختيار، حيث إن الطالب المتردد تنتابه الحيرة وسيغلبه التفكير والانشغال بأكثر من تخصص.
وأشارت إلى أن الضغوط العائلية تأثر في قرارات الكثير من الطلاب وهو أمر ليس خاطئاً لأنه في بعض الأحيان يكون توجيه العائلة سليماً إذا أحسنوا الاختيار، أو إذا كانوا متطلعين على التخصصات الموجودة وعلى دراية بمهارات أبنائهم.
وأضافت د. شيرين موسى، أنه إذا وجهنا طالباً يميل أساساً إلى حب الأشياء الإلكترونية والتصميم البرمجي، لكي يدرس تخصصاً يتعلق بالذكاء الاصطناعي. فهنا قرارات العائلة تأتي في إطار التوجيه وفقاً للمعطيات الموجودة في المجتمع، وتأثيرها إيجابي في اختيار الطالب للتخصص.
وأوضحت أنه خلال الفترة الماضية لاحظنا كثيراً من الأولاد في المدارس حينما نسألهم ماذا تحب أن تكون في المستقبل؟ يجيب: «أكون يوتيوبر وأصنع محتوى وأصور فيديو وأحاور الأشخاص!» وهذا الميل أت من التحول الذي نراه في المجتمع، وظهور الكثير من صنّاع المحتوى ممن نجحوا في صنع شعبية كبيرة لأنفسهم، جعلت لهم تأثيراً كبيراً على الطلاب أو الأطفال.
وأكدت أن الطالب الذي يكون محباً لتخصص منذ سنوات، ومستعد ومهيأ نفسه من الناحية الأكاديمية، يمتاز بخطوات سليمة حينما يلتحق بالجامعة، فإن الاختيار المسبق يعني منظومة مرتبطة بالقدرات والمهارات يحكمها المعدل والتوجهات الأسرية أو العائلية.
وأوضحت أن المؤسسات التعليمية لها دور كبير جداً في اتخاذ القرار، وضرورة أن تشرك المدارس الطلبة في المعارض الخاصة بالتعليم، وتكون هناك أجنحة للجامعات المختلفة والتخصصات، إلى جانب تنظيم معارض داخل المدرسة بالتعاون مع عدد من الجامعات، لإعطاء فكرة للطلبة عن متطلبات الدراسة في كل تخصص.
ولفتت إلى أهمية اليوم المفتوح الذي تنظمه الجامعات لخريجي الثانوية العامة، وهو مخصص للسؤال عن شروط التسجيل ومتطلبات الدراسة إضافة إلى عدد سنوات الدراسة وطبيعتها وعدد المواد النظرية والعملية، وهذه الإجابات توضح الرؤية كاملة لاتخاذ القرار الأنسب ولا سيما أيضاً معرفتهم بالدرجة العلمية المطلوبة للالتحاق بكليات الجامعة المختلفة.
إدراك الميول
وفي جولة ل «الخليج» لاستطلاع رأي عدد من الطلبة حول تجربتهم في اختيار التخصص الأكاديمي، أوضحت نور أنور البستكي من جامعة الإمارات، أنها شعرت بالاستعداد لاختيار التخصص في نهاية المرحلة الثانوية، لا سيما عندما بدأت تدرس مواد تشبه في مستواها مواد الجامعة، فبدأت تكتشف التخصصات التي تلائم ميولها، لكنها لفتت إلى أن المرحلة الثانوية ليست كافية دائماً، إذ إن كثيراً من الطلاب لا يمتلكون إدراكاً كافياً بميولهم أو ليسوا على علم بفرص التخصصات المختلفة، ما يؤكد الحاجة إلى توجيه وإرشاد مبكر، إضافة إلى تجارب واقعية تساعدنا على فهم أنفسنا وفهم التخصصات المتاحة بشكل أعمق.
وأضافت: «أتحدث عن نفسي لو عاد بي الزمن، كنت سأختار التخصص نفسه الكيمياء الحيوية، لأنه ناسبني فعلًا وأرضى فضولي، كما شعرت بأن له مستقبلًا واعداً وفرصاً عديدة يمكنني الاستفادة منها. وكان الشغف هو الأساس في اختياري، لكنني فكرت أيضاً في سوق العمل. حاولت أن أجد توازناً بين ما أحب، وما قد يفيدني مستقبلاً. أما تأثير المجتمع فكان موجوداً، لكنه لم يكن حاسماً في قراري».
وأكدت أن وجود برامج إرشادية يساعد على فهم خياراتنا بصورة أوسع، وربما يفتح أمامنا مجالات لم نكن نعلم بها، ويقلل من الحيرة التي يشعر بها كثير من الطلاب، وأرى أن الوقت الأنسب يبدأ من الصف العاشر، عبر برامج تعريفية وورش عمل وزيارات ميدانية، وربما حتى تدريب صيفي بسيط. مثل هذه الخطوات تجعل الطالب يختار تخصصه في نهاية المرحلة الثانوية بثقة ووضوح في الرؤية.
الفرص الوظيفية
قال سليمان إيهاب من جامعة خليفة، إنني في فترة الثانوية كنت مهتماً بمواد الرياضيات والفيزياء إلى جانب الطيران والفضاء، لكن مع مرور الوقت والتحاقي بالخدمة الوطنية بعد التخرج، لم أشعر بنفس الحماس في هذا التخصص ولجأ اهتمامي لأشياء أخرى مثل الذكاء الاصطناعي، وقررت أن أغير التخصص إلى الهندسة الميكانيكية، لأنه أشمل والفرص الوظيفية تكون في العديد من القطاعات.
وأوضح أن معظم الطلاب عادة يكون لديهم فكرة عن المواد المفضلة لديهم والمسار العام الذي يريدون اتباعه، ومع ذلك قد لا يكونون متأكدين بنسبة 100% وقد يقرر البعض تغيير تخصصهم، ولفت إلى أن المرحلة الثانوية في الغالب ليست كافية لاتخاذ قرار التخصص، وأنه شخصياً زاد اهتمامه بمجال الذكاء الاصطناعي، ولو أتيحت له فرصة اختيار تخصص مرة أخرى، لربما اختار هذا المجال. ولفت إلى أن المجتمع الذي حوله كان له تأثير في قراره، ومن الضروري جداً وجود برامج إرشاد مهني مكثفة قبل دخول الجامعة لمساعدة الطلاب الذين لا يعرفون التخصص المناسب لهم. وفي وقتنا الحالي مع وجود الإنترنت، يمكن لأي طالب البحث عبره لمعرفة المزيد عن التخصصات المختلفة والوظائف والأمور التي تساعده على اختيار تخصصه.
أهمية التخصص
أهمية التخصصلفت خليفه ناصر البلوشي من الجامعة الأمريكية في الإمارات، إلى أن تحديد مجال التخصص الجامعي له أهمية كبيرة وقرار مصيري، وعن نفسي فقد حددت تخصصي الجامعي لشغفي للعلاقات الدولية في مرحلة الثانوية عندما أدركت أهمية التخصص وخبرتي في المجال ذاته وتأثير مجالي في الدول، خاصة أن دولة الإمارات أصبحت محور العلاقات الدولية في الشرق الأوسط، وتشكل قوة إستراتيجية، وتلعب دور مهماً في توطيد العلاقات الدولية ونشر السلام في المنطقة وعلى الصعيد العالمي.
وأوضح أن اتخاذ القرار يعتمد على خبرة الطالب وبالأخص في وقتنا الراهن، حيث إن التعليم أصبح أكثر شمولية، والقرار يأتي بشكل مشترك ما بين التعليم في المرحلة الثانوية والخبرات العملية والشخصية.
وأشار إلى أن الجامعة تعطي خبرة كافية خلال التدريب العملي الذي يتيح تهيئة الطالب لسوق العمل، لأنها تجمع بين الخبرات الأكاديمية، والبحث العلمي والخبرات العملية المهنية والمجتمعية، ويرى أن الطالب خلال المرحلة الثانوية يستطيع تشكيل أفكاره وتوقعاته للمستقبل والاتجاه الذي سوف يسلكه، لأننا الآن في زمن الانفتاح على الخبرات، وأن فرصة معرفة التخصص بشكل أعمق متاح للجميع عبر عدة خيارات.
أخبار متعلقة :