نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
آثار «الغلة» في أم القيوين تؤكد عمق الاستيطان البشري في المنطقة - الهلال الإخباري, اليوم السبت 14 يونيو 2025 05:48 مساءً
* ماجد بن سعود: التنقيب ركيزة لفهم الجذور الحضارية للإمارة
شهد موسم التنقيب الأثري في جزيرة الغلة بإمارة أم القيوين لعام 2025، سلسلة من الاكتشافات المهمة التي وفرت معطيات تاريخية جديدة تعيد تشكيل الفهم السائد حول الموقع الأثري، وتبرز أهميته الاجتماعية والاقتصادية والتجارية.
وأكد الشيخ ماجد بن سعود بن راشد المعلا، رئيس دائرة السياحة والآثار بأم القيوين، لوكالة أنباء الإمارات «وام»، أن المواقع الأثرية بالإمارة تعد جزءاً لا يتجزأ من الهوية التاريخية والوطنية لدولة الإمارات. وشدد على التزام الدائرة بحماية وتوثيق التراث الثقافي من خلال أعمال التنقيب التي تمثل ركيزة أساسية لفهم الجذور الحضارية للإمارة.
وقال الشيخ ماجد بن سعود: الاكتشافات الحديثة في جزيرة الغلة، تشكل خطوة نوعية في كشف عمق الاستيطان البشري في المنطقة، وتسلّط الضوء على نمط الحياة المتكامل الذي عاشه السكان. وأشار إلى أن المعطيات الجديدة غيّرت النظرة إلى الموقع من كونه مجرد تلة صغيرة إلى مجتمع متطور استثمر موارده الطبيعية بكفاءة.
تقديرات جديدة
أظهرت نتائج موسم 2025 أن الموقع الأثري يمتد على مساحة تُقدّر بنحو 0.60 هكتار (6000 متر مربع)، وهو ما يفوق التقديرات السابقة بأربعة أضعاف، والذي كان يصل إلى0.15 هكتار (1500 متر مربع).
وتشير الدلائل إلى أن الموقع كان يضم قرية تعود إلى العصر الحجري الحديث، عاش فيها ما بين 100 إلى 120 شخصاً، ما يدل على وجود مجتمع مستقر ومنظم.
وتوضح الاكتشافات أن جزيرة الغلة شهدت مرحلتين رئيسيتين من الاستيطان شبه المتواصل بين عامي 4500 و3300 قبل الميلاد.
تعود المرحلة الأولى إلى الفترة بين 4500 و3800 قبل الميلاد، (من منتصف الألفية الخامسة إلى بداية الألفية الرابعة قبل الميلاد)، بينما ارتبطت الثانية بعظام حيوان الأطوم (بقر البحر) وتعود إلى ما بين 3500 و3300 قبل الميلاد (من النصف الثاني من الألفية الرابعة قبل الميلاد).
واكتشف تكوين أثري فريد لحيوان الأطوم، عبارة عن مصطبة حجرية بطول 10 أمتار وارتفاع نصف متر تقريباً، شُيّدت باستخدام نحو 40 عظمة من هذا الحيوان. ويُعتبر هذا التركيب الأثري الوحيد من نوعه والمعروف عالمياً لهذه الحقبة الزمنية.
وتشير المكتشفات الأثرية والأدلة التاريخية الحديثة في جزيرة الغلة أيضاً إلى مدى تطور الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والتجارية لسكان الجزيرة.
ومن أبزر ما أظهرته أعمال التنقيب مؤخراً، العثور على تسع لآلئ، ما يعكس الأهمية الاقتصادية للجزيرة كأحد أبرز مراكز صيد اللؤلؤ خلال الألف الخامس قبل الميلاد.
وعلى صعيد النتائج الأثرية التي تبرز مدى تطور الحياة الاجتماعية لسكان جزيرة الغلة، اكتشفت بقايا عظام أسماك متنوعة مثل السبيطي، الجش الكبير، الشعري الشخيلي، الحاقول، التونة (القباب) والبياح، ما يعكس تنوع النظام الغذائي البحري آنذاك، ويؤكد مهارات السكان المتقدمة في صناعة القوارب وصيد الأسماك.
وأظهرت الأدلة استئناس السكان حيوانات مثل الأبقار والماعز والأغنام لاستخدامها في إنتاج الحليب، إضافة إلى تربية الكلاب التي يرجّح أنها استُخدمت للصيد والحراسة.
نقطة وصل
يشكّل موقع الغلة نقطة وصل حيوية في شبكة من التبادل والتواصل التجاري الإقليمي، ويعكس الموقع الاستراتيجي للجزيرة انفتاحه على الحضارات المجاورة عبر العصور. وتشير الدلائل الأثرية الحديثة إلى العثور على سنارات صيد ذات تقنيات تصنيع متميزة تُنسب إلى شمال عُمان، إضافة إلى كسر فخار من بلاد الرافدين.
وكانت دائرة السياحة والآثار باشرت أعمال البحث العلمي والتنقيب الأثري في جزيرة الغلة بأم القيوين ضمن حملة أثرية استراتيجية امتدت على مدار موسمين خلال عامي 2024 و2025، وذلك في إطار تعاون مشترك مع البعثة الفرنسية.
وأنجز الموسم الأول في الفترة من سبتمبر/أيلول إلى أكتوبر/تشرين الأول 2024، ونفّذ الثاني في إبريل/نيسان ومايو/أيار الماضيين؛ ليشكل المشروع محطة محورية في إعادة قراءة تاريخ جزيرة الغلة بصفته موقعاً أثرياً وأهميته الحضارية في الخليج العربي.
0 تعليق