نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
محمد دياب يكتب: المجاعة التي لا تصلح للنشر - الهلال الإخباري, اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025 10:54 صباحاً
غزة بلا فريق علاقات عامة.. الجوع لا يعرف طريق المؤتمرات
من الواضح أن غزة لا تجيدُ التسويق. لم تتعلم فنون العلاقات العامة ولا تملك فريقًا مختصًا بترتيب صور المجاعة حسب زوايا الكاميرا أو تنسيق لقطات الأطفال الهزالى بين مؤتمرين دوليين. المجاعة هناك بلا "متحدث إعلامي"، بلا راعٍ رسمي، بلا أغنية شجية من نجم عالمي يحرك المشاعر ويملأ الصناديق.
مشهد خارج المسرح: حيث لا يصل التصفيق
المعونة تُمنح لمن يُتقن العرض، بينما المتألم الحقيقي ينتظر خارج المسرح. وغزة، رغم كل صرخاتها، لا يبدو أنها التقطت توقيت "الشفقة العالمية" جيدًا. فمنذ أن بدأت الأجساد تتآكل، لم نرَ سوى مؤتمرات مليئة بالإضاءة الجيدة والتعاطف البارد.
لا مكاسب سياسية في موت بلا صوت
ربما لأن الجوع فى غزة غير قابل للتسييل السياسي. لا يحقق مكاسب انتخابية، ولا يصلح لمزاد الأخلاق الموسمي، ولا يُوظَّف لرفع أسهم المنظمات. فالغزيون لا يصلحون للبطولة الإعلامية: إنهم يموتون بصمت في زمنٍ يتطلب منك أن تموت مع مؤثر بصري مؤلم وموسيقى تصويرية درامية.
الجريمة بلا مجرم.. القلق بديلًا عن العدالة
الغريب أن الجميع يُقرُّ بالجريمة، لكن لا أحد يعترف بالقاتل. الجميع يُحذّر من المجاعة، ثم ينام مرتاح الضمير بعد أن كتب البيان أو نشر التقرير أو أعلن "القلق العميق" الذي صار أنحف من أطفال غزة.
حين تُجرّم الحياة ويُستقبل الموت كضيف شرف
القمح يُمنع لأنه يحمل الحياة، بينما الصواريخ تُمرّر لأنها تحمل الموت. الدواء يُفتش كأنه متهم، بينما الرصاص يدخل آمنًا مطمئنًا. والطفل الغزّي، إن لم يمت بصاروخ، فإنه سيموت بشيء أكثر إحراجًا: الجوع... ذاك العار الذي لا يمكن تبريره أمام ضميرٍ لا يعمل.
غزة.. معمل مفتوح للقتل البطيء
لقد تحوّلت غزة إلى تجربة مخبرية في "كيف تقتل شعبًا ببطء دون أن يُتهم أحد". مجاعة تُبث على الهواء، مع سبق الإصرار والترحيب الدولي.
غزة لا تريد مؤتمرات.. فقط رغيف ينجو من الحصار
هل رأيتم من قبل مجاعة بها قوائم انتظار؟ أطفال ينتظرون دورهم في الموت؟!
نعم، هذه نكتة مُرّة، وهذا هو الواقع بعينه.
جوع غزة سئم البيانات والتصريحات. ما ينتظره رغيف يعبر الحصار، وفتات إنسانية لا تُقايض بالتصفيق للمجرمين، ولا يطمح حتى لمؤتمر دولي.
فقط يريد أن يعيش.
الجوع بلا دعاية.. والإنسانية تخذل من لا يجيد البكاء بصوت عالٍ
لكن يبدو أن الرغبة في الحياة، إن لم تكن مدعومة بمصلحة سياسية مناسبة، لا تُؤخذ على محمل الجد.
وإلى أن يجد الغزيون وكالة إعلانية تُدير معاناتهم، سيبقون وحدهم يتضورون في صمت، بينما العالم يختبر كل درجات الانحطاط الممكنة... ولا يخجل.
0 تعليق