مستقبل العدالة النووية - الهلال الإخباري

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مستقبل العدالة النووية - الهلال الإخباري, اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025 03:54 صباحاً

فوق قمم التمييز المتراكم، يبرز أحد أخطر مظاهر العنصرية الجيوسياسية وقاحة مفخخة بامتلاك السلاح النووي.

إنه الامتياز الذي لا يُمنح لجميع الدول، بل يُكرَّس بشكل مطلق لقلةٍ وُلدت داخل شرعية "النادي النووي" الذي أسسته معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)، وبموجبها، احتفظت خمس دول بحصرية امتلاك الرعب المؤجل: أمريكا، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا، ما أكسبها إرثا دائما للأجيال القادمة.

جبابرة يملكون سلطة التصنيع والتطوير والتخزين دون قيود فعلية، رغم المخاطر المتراكمة من كل مفاعل ذري، وكل سلاح، وكل إجراء تقني يرافق تلك الترسانة من تفكيك أو تجديد.

احتكار يتدثر بالشرعية، يُبرّئ الكبار مهما حدثت تسربات، مثل كارثة تشيرنوبل، ويدين "الآخر" الطامح بدخول النادي ولو لأغراض سلمية.

وفي غفلة من الزمن، انسلّت دول من الباب الخلفي: فصارت الهند وباكستان قوتين نوويتين عنيدتين من خارج المعاهدة، تستحلان التراخي وتصارعان القلق بردع الخوف بالقوة.

وعلى الجانب المسكوت عنه، نجد إسرائيل: تغتصب عضوية ذهبية دون أن تُساءل بذلك، مع معرفة العالم بقوتها العلمية والبحثية والتطويرية حد الهوس التوسعي.

كوريا الشمالية، انسحبت من المعاهدة، مثبتة بتهورها وصواريخها قدرتها على قلب الطاولة الكبرى في فخامة النادي، ومتى شاءت.

إيران المخنوقة تزاحم وسط الشكوك، ساعية لامتلاك الكرسي، عبر مماطلة دبلوماسية مراوغة، وتحالفات منتقاة، وترويج مخادع لسلمية برنامجها النووي، وإخفاء خطورتها، لتعطيل خضوعها لعمليات تفتيش الوكالة.

على الضفة الأخرى، نجد دولا كالسعودية وتركيا ومصر تحاول اللحاق بالركب عبر المسار السلمي، وبما توفره لها قدراتها الدبلوماسية والمادية.

لكن أعين الوكالة والنادي النووي مستمرة بالنظر إليهم بريبة وعنصرية تجريم لمن تأخر في دخول النادي.

أما الدول الفقيرة، فحتى حلم المفاعل السلمي يبدو بعيد المنال عنها، مشفوعا بنقص الإمكانيات العلمية والبنى التحتية وعوامل قدرة الحماية، وخطورة الاستيلاء عليه من قبل الميليشيات والجماعات الإرهابية.

وهنا يتضح للعيان بأن العدالة النووية ليست غائبة فقط، بل جائرة.

في المقابل، هناك من امتلك ثم تخلّى طوعا: جنوب أفريقيا فككت ترسانتها النووية بإرادتها، وليبيا القذافي اعترفت وتخلت، والعراق أحرقت بشبهة.

أما أوكرانيا وكازاخستان وبيلاروسيا فقد ورثت الأسلحة النووية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ثم سلّمتها مقابل وعود لم تُحترم حين داهمها الخطر لاحقا.

وفي الركن المضيء نجد دولا اختارت المسار السلمي رغم امتلاكها المعرفة والقدرة: اليابان، ألمانيا، كوريا الجنوبية، البرازيل، والأرجنتين، دولا تمتلك المفاتيح، لكنها تختار عدم فتح الباب المشِع بالشرور حتى الآن.

وهنا ينطلق السؤال الأكبر: لماذا يُسمح لكبار العالم باللعب بالنار النووية، وتفجيرات في أنحاء الأرض وتحت الماء، وفوق الغلاف الجوي؟
بينما يُحرَّم على غيرهم حتى الحلم بسلميتها؟
لماذا لا يُجرَّم السلاح النووي بالمطلق؟

ضمن خطة دولية عادلة، لا تستثني أحدا؟ وتسمح بالاستخدام السلمي المراقب، بشفافية، وضمن شروط تحترم من الجميع.

ولمَ لا تنطلق حملة إنسانية كرة أرضية جادة لتفكيك الأسلحة النووية جميعها، وأيا كان من يمتلكها؟

استمرار نظام التمييز والتفرقة النووية الحالية، متغطرس متهور أعمى بصيرة، ينذر بهلاك نووي كوني قد يباغت الجميع بيوم هلاك أرضي نيرانه لا تبقي ولا تذر.

shaheralnahari@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق