نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
محمد بن سلمان والمعجزات السعودية - الهلال الإخباري, اليوم الأربعاء 14 مايو 2025 08:52 مساءً
في أكتوبر ما قبل الماضي؛ كتبت في هذه الصحيفة مقالا بعنوان «الرجل الذي لا ينام وسيدة المدن». وكانت فكرة المقال نابعة من تساؤلات عديدة. أهمها؛ متى ينام ولي العهد؟
في منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي، طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السؤال نفسه. لا أعلم هل هذا تطابق رؤى أو صدفة، أو أنه بالفعل مثار استفهام عميق، يفرضه حجم النهضة التي تعيشها المملكة بإشراف ومتابعة مباشرة من ذلك الرجل.
سأقول بعض الحديث، وأنتقل لتفسيرات المشهد الذي عاشته الرياض. أعتقد أن فخر السعوديين كان في ذلك اليوم غير عادي. جاء أقوى رجل في العالم، الذي يملك مفاتيح القرار العالمي. امتدح من يحبون علنا. عبر عن حبه له، وقاسم الشعب حب ملهمهم وباني دولتهم الحديثة. امتلأت وسائل الإعلام الخاصة بأبناء الدولة بصور حبيبهم. لأنه يعبر عنهم. لأنه فخرهم ومصدر اعتزاز لهم. هنا سأتوقف عن العاطفة. سأتحول للسياسة.
أتصور أن يأتي رئيس دولة كترامب، ويقول إن ما يحدث في هذه المنطقة معجزة حديثة على الطريقة العربية، فهذا أمر يستحق النظر بعمق. السؤال هل كان يقصد المنطقة بمفهومها ومعناها الشمولي، أم ماذا؟ بالطبع لا. يقصد المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، ما الأسباب؟ أولا: لأنه اختار زيارته الخارجية للسعودية فهذا يعني أنها الأكثر تأثيرا، وهذا له دلالاته التي يعيها الجميع وليست بحاجة إلى شرح وتفصيل. ثانيا: لأن المملكة دولة غيرت مفهوم البناء والنهضة، ونقلته من الفكرة التقليدية إلى الواقع الآخر العصري والحديث بسرعة البرق. ثالثا: لإيمانه المطلق بأن الرياض حليف أصيل للولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من تسعين عاما. ومارست في تلك العلاقة أقصى صور الاتزان السياسي. ووضعت - أي الرياض - تلك العلاقة وفق الإطار السياسي لارتباط الدول ببعضها بعضا لا الأشخاص بالأشخاص.
رابعا: لأن ترامب وغيره من متابعي التاريخ في أمريكا والعالم أجمع، تشكلت لديهم تصورات حول السياسة السعودية. مثلا، أنها غير متبدلة ومتلونة.
فالجميع استوعب أن المملكة رافضة لفكرة التخلي والبيع. ماذا يعني؟ أقصد أنها لا تبيع ملفات الأمة. ما الدليل؟ أنها لم تتخلَ يوما عن رأيها وقرارها في مساندة القضية الفلسطينية.
وأنها دعمت لبنان، مع أنه كان مصدر قلق وصداع على الصعيد الحزبي. ولا احتاج لشرح كيف شكل حزب الله وانتهاج سياسة العداء وتهريب المخدرات للسعودية. إلا أنها تعاملت مع الدولة كدولة. وأيضا حاولت مساعدة بشار الأسد في آخر الوقت، لكنها اصطدمت بأنه ليس قابل لفهم الأمور وفق وضعها الطبيعي، وعاند نفسه قبل الآخرين.
وأنها - أي السعودية - حتى لو تغيرت دفة الحكم من ملك إلى ملك، فذلك لا يعني إمكانية تحول استراتيجياتها وأوراقها المهمة. لهذا كان الإعجاب بالمنهجية السياسية السعودية، وهذا حق لها وليس منة من أحد.
على هذا الأساس، يمكن لنا فهم الكلمة التاريخية التي ألقاها ترامب في الرياض، وخاطب بها الرأي العام الأمريكي والدولي على حد سواء، بإطار أنها جرد حساب، كشف فيها الرجل عن سياسته وعناوينه العريضة التي يقتنع بتنفيذها في حقبته الرئاسية.
لكن السؤال؛ لماذا اختار الرياض منصة لإطلاقها؟ لأنه يعي وجوده في المكان المهم. وربما الأهم في المنطقة. فهو يدرك بأن العين على المملكة، سواء كان بها أم لم يكن. ويفهم أيضا أن النهضة السعودية يجب أن تنتقل عدواها للمحيط. لذا جاء على ذكر تحويل الصحراء إلى واحات خضراء، بدلا من تحويل الواحات إلى صحراء.! ولا أريد الإسهاب في هذا الجانب، لأنه يقصد إيران.
إن المشهد القادم من دمشق، التي رفع عنها ترامب الحظر المطبق منذ سنوات، برغبة سعودية، أمر بها ورسمها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ونفذها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ لهو عامل يؤكد علو كعب هذا الكيان العظيم، الذي يفكر بالأشقاء بلا منّة ولا أطماع، واستطاع لفت الانتباه العالمي بمفاهيمه الثابتة، وتاريخه العميق، وأثبت أنه صانع للسلام والتطور والبناء، لا الهدم والتناحر والإرهاب.
الرياض مركز أعمال والتكنولوجيا. والاقتصاد السعودي هو الأقوى في العالم. هذه ليست مفردات صادرة عن عواطف شخص يحابي وطنه. بل جاءت من ذلك الأشقر المعروف أنه لا يجامل أحد.
أتفهم لماذا عبر عن أن هذا المكان جميل بناطحات سحابه وأبراجه. وكيف قال إن هذه الأرض الأكثر ازدهارا لأمم المنطقة، وكل أنحاء العالم. وأدرك تساؤله، متى يستريح ولي العهد؛ ومتى يعمل.!
لأنه يحب محمد بن سلمان ونحن أحببناه قبله. ويؤمن بالمعجزات السعودية. وآمنا بها قبله.
شكرا الحبيب ترامب. قلت ما بداخلنا.. وفقك الله.
0 تعليق