الهلال الإخباري

التمر في الإمارات.. صديق وفيّ يهلّ بـ «البشارة» - الهلال الإخباري

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التمر في الإمارات.. صديق وفيّ يهلّ بـ «البشارة» - الهلال الإخباري, اليوم السبت 14 يونيو 2025 05:39 مساءً

الشارقة: سارة المزروعي
التمر في الإمارات ليس مجرد غذاء، بل هو شاهد حي على تاريخ طويل من التكيّف مع البيئة، ومكوّن جوهري في الهوية، فهو يحمل رمزية الكرم والصمود، ويمثل صلة الوصل بين الإنسان وأرضه.
يمتدّ تاريخ زراعة التمور في الإمارات إلى آلاف السنين، ويحتلّ النخيل مكانة مركزية في الحياة اليومية، بدءاً من المزارع ووصولاً إلى الموائد والمناسبات. ويُعدّ التمر مكوناً أساسياً في الثقافة الإماراتية، يُقدّم للضيوف مع القهوة، ويُستخدم في صناعة الحلويات، ويمكن تخزينه لفترات طويلة بطرق تقليدية أثبتت فاعليتها.
مع بداية يونيو/حزيران من كل عام، يبدأ الإماراتيون بترقب تباشير موسم الرطب؛ إذ تمهّد بعض الأصناف المبكرة مثل «النغال» و«الشيشي» لقدوم الخير. وتُعرف هذه المرحلة محلياً بـ «البِشارة»، وهي أولى مراحل نضوج ثمار النخيل.
يحرص الأهالي على مراقبة النخيل بعناية خلال هذه الفترة؛ إذ تبدأ الثمار بتغيير لونها تدريجياً من الأخضر إلى الأصفر أو الأحمر بحسب نوع التمر، وتشكّل تباشير الرطب فرحة موسمية ينتظرها الأهالي بلهفة، وتكون بمثابة إشارة إلى بداية موسم الحصاد الفعلي.
تقول شيخة الطنيجي: «الرطب هو تباشير القيظ، ولا تكتمل فوالتنا إلا به، والعادات المرتبطة بها لا تتغير، فنحن ننظفه ونعرّضه للشمس حتى يلين وينضج، ونخزنه للشتاء ورمضان».

تميز


تحتضن الإمارات أكثر من 100 نوع من التمور، تختلف في الطعم والشكل واللون، من أبرزها: «الشيشي» الذي يتميز بلونه الأصفر ومذاقه الحلو، و«البرحي» ويُعرف بطراوته وسهولة أكله، و«الفرض» المعروف بلونه البني الفاتح وحجمه المتوازن.
وسط هذا المشهد الغني، يحرص بعض المواطنين على الحفاظ على أصناف نادرة، بل يبتكرون في تسمية أصناف جديدة بناءً على صفاتها الفريدة، يقول بوعبدالرحمن، أحد المهتمين بزراعة النخيل:
«أزرع تموراً مميزة مثل «أم الدهن» و«عين بقر»، واخترت اسم «نبتة أعسمة» لصنف جديد؛ لأنني أراه مختلفاً ومميزاً ويستحق عناية خاصة».
ويشير محمد المنصوري إلى أن مزرعته تحتضن أصنافاً متعددة من التمور، مثل «الهلالي» و«نبتة سيف» و«الشهلة» و«الخصاب» و«المسلي». ويؤكد أن هذا التنوع يعكس ارتباطه العميق بالموروث الزراعي، ورغبته في تقديم منتجات نوعية تلائم ذوق المستهلك المحلي.
ومن بين الأنواع الفاخرة التي تحظى بإقبال واسع «السكري»، «بو معان»، إلى جانب أخرى متنوعة لكنها لا تقل جودة مثل «الزاملي» و«الصلاني»، و«الخنيزي» و«الخلاص»، و«الخصاب»، وكل منها يحمل صفات تميّزه، من حيث درجة الحلاوة، كثافة اللب، وسهولة التخزين.

مهرجانات


تُقام سنوياً في الإمارات مهرجانات وفعاليات مخصصة للاحتفاء بالتمور والنخيل، أبرزها مهرجان ليوا للرطب ومهرجان الظفرة؛ حيث يتنافس الأفراد على عرض أجود محاصيلهم في بيئة احتفالية تراثية.
تشمل هذه الفعاليات مسابقات لأفضل أنواع التمور، وعروضاً للمنتجات المرتبطة بالنخيل مثل السعف والحبال والأدوات التقليدية، إلى جانب ورش عمل وندوات تثقيفية حول طرق الزراعة والتخزين الحديثة.
ولا تقتصر أهمية هذه المهرجانات على الجانب الزراعي فقط، بل تُعزز روح المجتمع، وتُسهم في نقل المعرفة بين الأجيال، كما تدعم أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يعرضون منتجاتهم المستخلصة من التمر كالخل، والدبس، والمعمول، والحلوى.
وبعيداً عن قيمته التراثية، يُعتبر التمر عنصراً اقتصادياً مهماً؛ إذ تُصدّر الإمارات كميات كبيرة من التمور إلى الأسواق العالمية، خاصة أصناف مثل المجدول والسكري. وتسعى الجهات المختصة إلى تطوير سلاسل الإنتاج، وتبني معايير جودة عالية لتعزيز تنافسية التمور الإماراتية في السوق الدولي، إلى جانب تشجيع الممارسات الزراعية المستدامة.

أخبار متعلقة :