نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كريم وزيري يكتب: العدو الجديد يرتدي كودًا برمجيًا - الهلال الإخباري, اليوم الخميس 15 مايو 2025 02:40 مساءً
هل نحن في سلام؟ أم أن الحرب تغيرت فقط شكلًا، وتسللت إلينا في صورة إشعار على الهاتف، أو عطل مفاجئ في محطات الكهرباء، أو إشاعة تشعل الرأي العام؟ ذلك السؤال لم يعد تنظيرًا فكريًا، بل صار واقعًا يوميًا نعيشه دون أن نشعر أننا نعيش تحت نيران نوع جديد من الحروب.
لم تعد الجيوش وحدها من تخوض المعارك، أنت أيضًا على الجبهة، سواء كنت طالبًا أو موظفًا أو حتى طفلًا يتصفح يوتيوب.. فأهلًا بك في عالم الحروب الجديدة… حيث لا طلقات، لكن الجثث حقيقية.
في الحروب القديمة، كان العدو يرتدي زيًا عسكريًا وتحمله دبابة، واليوم، العدو قد يكون هاكر يجلس في قبو مظلم على بُعد آلاف الكيلومترات، يدخل إلى شبكة الكهرباء، ويغلق مدينة كاملة في دقائق، أو ربما هو "بوت" مزروع على مواقع التواصل، يصنع انقسامات مجتمعية ويدفع الناس إلى صدامات أهلية دون أن يُطلق رصاصة.
مايكروسوفت نفسها أعلنت أنها تتعرض لـ 1000 محاولة اختراق يوميًا، فما بالك بدول كبرى؟ أو حتى اقتصادات ناشئة بلا حماية إلكترونية كافية؟ وحين اشتعلت الحرب الروسية الأوكرانية، انضمت وحدات إلكترونية عالمية إلى المعركة، من بينها مجموعات متطوعة مثل "أنونيموس". لم يكونوا جنودًا على الأرض، بل جنودًا خلف شاشات، يهاجمون مواقع حكومية، ويبثون رسائل دعائية، ويخترقون بث التلفزيون الروسي.
هذا النوع من الحرب يثبت أننا مقبلون على عصر يكون فيه الهكر أقوى من الجنرال… والمعلومة أخطر من القذيفة.
وتخيل أن دولة تُهاجِم دولة أخرى بالكامل باستخدام طائرات دون طيار، لا طيار، لا شهود، لا بصمة بشرية وهذا ما حدث في أذربيجان وأرمينيا، حين استخدمت باكو أسطولًا من درونز تركية وإسرائيلية الصنع، وحققت نصرًا خاطفًا في إقليم ناغورني كاراباخ.
الدرونز الآن تطير، ترصد، تقصف، وتعود… دون أن تُرصد، وأسوأ ما في الأمر؟ أنها رخيصة الثمن… متاحة حتى للجماعات المسلحة، لا فقط للدول.
وفي الحرب الحديثة، لا تكسب المعركة على الأرض فقط، بل في عقول الناس من يملك القصة… يملك الانتصار ولهذا، فإن السوشيال ميديا لم تعد وسيلة ترفيه، بل ساحة حرب نفسية.
الإشاعة الآن قادرة على إسقاط وزير، أو إشعال فتنة طائفية، أو حتى الضغط على دولة لتغيير سياستها الخارجية وكل ذلك يتم عبر حسابات وهمية، و"تريندات" مصنوعة، ومقاطع فيديو مُفبركة بدقة الذكاء الاصطناعي.
أمريكا، الصين، روسيا، الهند… كلهم يتنافسون على تسليح الفضاء والأقمار الصناعية أصبحت أعين الجيوش وآذانها. ومن يتحكم في السماء، يستطيع أن يرى كل شيء، ويضرب في أي لحظة، والصراع الآن لم يعد فقط من سيملك الأرض، بل من سيحكم المدار.
حتى أن أمريكا أنشأت رسميًا فرعًا جديدًا في جيشها باسم "قوة الفضاء"، ليس فقط للاستكشاف، بل للدفاع والهجوم الفضائي.
مياه، غذاء، طاقة… ثلاثي بدأ يُشعل صراعات من نوع جديد، سد النهضة في إفريقيا، أزمة الغاز في شرق المتوسط، جفاف الأراضي الزراعية في جنوب آسيا… كل ذلك مؤشرات على أن الحروب المستقبلية ستكون على الموارد، لا على الأيديولوجيا والمقلق أن التغير المناخي يزيد من حدة هذه الأزمات، ويجعل الصدام مسألة وقت، لا احتمال.
وسابقا كان السلاح النووي رادعًا لأنه يؤدي إلى "نهاية العالم" واليوم، يتم تطوير رؤوس نووية صغيرة Tactical Nukes، يمكن استخدامها في ساحة المعركة دون تدمير شامل، لكن بأثر نفسي هائل، والمخيف؟ أن بعض الدول تدرس استخدامها كسيناريو واقعي… لا خيالي.
وبالتالب المعركة القادمة لن تطلب منك حمل السلاح، لكن قد تطلب منك كلمة سر قوية لحسابك البنكي لن تستدعيك للخدمة، لكنها قد تسحب منك الكهرباء، الإنترنت، أو الحقيقة.
في زمن الحرب الجديدة، أنت الجندي حتى لو لم تكن تدري ولذلك، فالمعادلة الآن تغيرت، الدفاع لا يعني فقط حدود محمية، بل عقول محصنة، ووعي يقظ، وذاكرة لا تُخدع.
أخبار متعلقة :