نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
د. سعاد الشامسي.. طبيبة الطائرات - الهلال الإخباري, اليوم الأحد 11 مايو 2025 11:21 مساءً
دبي: أحمد صالح
كانت الطفلة سعاد سلطان الشامسي تلاحق الطائرات في فناء منزلها قرب مطار دبي الدولي وتحسب وتعُدّ الطائرات.. زاد شغفها بالطيران.. تحمست لفكرة تحقيق الحلم في المستقبل.. بعد الثانوية العامة قررت خوض المجال الصعب والحكر على الرجال المتمثل في هندسة صيانة الطائرات.. تنمّروا عليها بسبب وزنها الزائد.. استبعدوا قبولها ونجاحها لأنها لا تتقن الانجليزية ولأنها امرأة.. قالوا لها استمري في حلمك ونامي.. لم تيأس.. خفضت وزنها.. تعلمت اللغة وأتقنتها.. وفي عام 2001 طارت ضمن بعثة لتعلم هندسة الطيران في بريطانيا.. وعادت لتصبح المهندسة د. سعاد الشامسي أول مهندسة طيران إماراتية ومستشارة طيران في الدولة وأول باحثة عربية في علوم الطيران.. التي تحمل داخلها قصة كفاح وتحدٍّ وإصرار وعزيمة وأمل ورغبة في التعلم وإفادة وطنها بشكل لا يتوقف.
بدأت المهندسة د. سعاد سلطان الشمسي عملها في مجال صناعة الطيران منذ 19 سنة، وتقول: قصتي ورحلتي في عالم الطيران انطلقت منذ الصغر، بسبب قرب منزل والدتي من مطار دبي الدولي، كنت دائماً أجلس في فناء البيت أعُدّ الطائرات وقت الإقلاع والهبوط،، متمنية أن أدخل في مجال الطيران، سنة وراء سنة نما الحلم وأصبح شغفي الأساسي الارتباط بعالم الطيران والاقتراب من عالم محركات وهيكل الطائرة، ودائماً كنت أردد عبارة: إن كنت قادراً على أن تحلم فأنت قادر على الوصول.. هذه الجملة غيّرت نمط حياتي وفكري، أذكر أيام المدرسة ثم الجامعة تعرضت إلى كثير من التنمّر بسبب زيادة وزني وترديد المحيطين بأن عدم قدرتي على التكلم باللغة الإنجليزية يصعب دخولي مجال هندسة الطيران ومكثت سنه ونصف السنة عقب تخرجي في الثانوية العامة أطرق الأبواب كي أدخل مجال هندسة الطيران، ودائماً ما كنت أسمع عبارات الرفض، «وليش ما تغيري حلمك.. مستحيل.. روحي كمّلي نومك..»، فقررت التحدي وحاولت بشتى الطرق تنزيل وزني ونجحت وأدركت أنه لأبد من اتباع حياة صحية ونفسية صافية والاستمرار في التفكير الإيجابي لتحقيق الحلم.
وفي عام 2001 حصلت على بعثة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، لدراسة هندسة الطيران في بريطانيا، وقال لي سموه:«لا مستحيل في دولة الإمارات».. هذه الجملة ظلت راسخة في قلبي وعقلي وحفّزتني لصنع المستحيل.
سبب الاختيار
تضيف د. سعاد الشامسي: مجال هندسة الطيران كان حكراً على الرجال، مع ترديد أن المرأة غير قادرة على خوض مثل هذه الأمور والمجال الصعب، فقررت أن أغيّر الصورة النمطية عن المرأة الإماراتية والعربية بشكل عام لأنها قادرة أن تكون مهندسة طيران وقيادية في هذا المجال، اليوم تغيرت النظرة وأضحت النساء متخصصات في الإمارات، وبعد عودتي إلى الإمارات وحصولي على لقب أول مهندسة طيران إماراتية أصبحت المسؤولية أكبر على عاتقي بعد فتح الباب للسيدات ونشر الوعي بأهمية هذا المجال وجميع المجالات تحت مظلة صناعة الطيران.
وتقول د. سعاد الشامسي: أسسنا جمعية المرأة في الطيران وهي تهتم بالسيدات في هذا المجال وتمكينهن للحصول على الدراسات وورش التعلم وتوفير الفرص التعليمية والوظيفية والتأكيد على أن المرأة قادرة على أن تنجح في مثل هذه المجالات، وبعد حصولي على الدكتوراه أصبحت أول باحثة عربية في هذا المجال وكان عندنا نقص في الأبحاث والكتب في مجال صناعة الطيران ونشرت 86 بحثاً علمياً، والآن بصدد نشر أول موسوعة باللغة العربية عن صناعه الطيران من الألف إلى الياء تساعد الطلاب من عمر 6 إلى 25 سنة في التعليم المتخصص.
وتتطرق د. سعاد الشامسي إلى مهام مهندس الطيران، وتقول: بشكل عام مهندس الطيران طبيب الطائرة ومعداته مثل أدوات الجراحة، ومسؤول عن الصيانات الدورية وتندرج من الصيانة اليومية عند الإقلاع والهبوط وصيانة الطائرات من أسبوع إلى 79 يوماً وهذه هي الصيانة الشاملة الكاملة مثل الصيانة البسيطة والأساسية للسيارة، ولابد أن يكون المهندس متخصصاً في نوع معين من الطائرات «ايرباص» أو «بوينج» مثلاً، فكل طائرة لابد أن يدرس ويتعلم أساسياتها ومواصفاتها ويحصل على رخصة صيانة ويجددها بجانب وجود متخصص موجود خلال الإقلاع والهبوط، وبعض المهندسين يكونون موجودين على متن الطائرة ولابد أن يكون المهندس عند استلام الطائرات الجديدة حاضراً. وبشكل عام يشكل مهندسو الصيانة مع المهندسين الأرضيين مع المراقبين الجويين خلية نحل متكاملة لا يراها المسافرون.
موقف طريف
تحكي د. سعاد الشامسي عن موقف ظريف ومخيف في نفس الوقت، قائلة: كمهندسة طائرات يجب فصل الحياة العائلية ولابد أن يكون القلب والعقل وغيرهما في حالة صفاء ذهني 100% خلال العمل.. ولكن في أحد الأيام كان هناك عطلٌ في طائرة قبل إقلاعها وكنت مسؤولة مع فريق متخصص وكان على متنها أختي ووالدتي عندما رأيتهما صاعدتين إلى الطائرة أدركت حينها أن المسؤولية عليّ كبيرة ومضاعفة ولكني اخترت تجنب الموقف، وخوفي عليهما جعلني أنقل مسؤولية الصيانة إلى مهندس آخر، لأنه من الأفضل أن يكون مسؤول الصيانة في أجواء صافية لا تؤرقه أو تشتّته، فكانت من المواقف التي جعلتني أشعر أنني أمام مسؤولية العمل ومسؤولية العائلة، لذلك يجب على مهندس الطيران أن يكون بشكل دوري في دورات تدريبية نفسية، ولابد من إجراء اختبار نفسي عند الضرورة لمهندس الطيران لكي يكون صالحاً للعودة إلى العمل. وتضيف: مهندس الطيران غير مصرح له بأن يقود الطائرة ولو في ظروف الطوارئ إلا بعد حصوله على رخصة طيران.
وتنصح د. سعاد الشامسي مهندس الطيران أو الطالب بالقراءة والاستمرار في التعلم والتوسع في المعارف وتجديد البحث والدراسة خاصة مع تقدم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وتطورات قطاع الطائرات والاستفادة من الخبراء وزيارة مؤتمرات ومعارض الطيران.
الروتين اليومي
تكشف د. سعاد الشامسي عن روتينها اليوم، وتقول: أبدأ يومي بأذكار الصباح مع ولديّ يوسف وسلطان، وبعد تناول القهوة الصباحية آخذهما إلى المدرسة ثم اتّجه إلى العمل وبما أنني مسؤولة أحد المشاريع في الإمارات يكون تقييم العمل بالوجود في الموقع والزيارات الرسمية في الدوام اليومي ثم ارجع إلى المنزل والتدريس للولدين والاتصال بوالدتي يومياً فهي أساس نجاحي واستمرار ترابط العائلة جزء لا يتجزأ من نجاح العمل.. والعكس بالعكس.
أخبار متعلقة :