نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
علي فوزي يكتب: بلاش تشكيك في مصر! - الهلال الإخباري, اليوم الأحد 20 يوليو 2025 03:32 مساءً
في خضمّ الحرب المستعرة في السودان، لا تزال بعض الأصوات تتّهم مصر، زورًا وبهتانًا، بالرغبة في استمرار الصراع. وهي تلميحات لا تستند إلى وقائع موضوعية ولا قراءة عقلانية للمصالح المصرية، بل تصبّ في خانة التشكيك المغرض والتضليل المتعمد، في وقتٍ تدفع فيه مصر ثمنًا باهظًا – سياسيًا واقتصاديًا وإنسانيًا – نتيجة هذه الحرب.
لماذا لا مصلحة لمصر في استمرار الحرب؟
أولًا: عبء إنساني متزايد
منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، استقبلت مصر أكثر من مليون لاجئ سوداني، حسب تقارير أممية. هذا التدفق الكبير ألقى بأعباء ثقيلة على البنية التحتية والخدمات في ولايات مثل أسوان والقاهرة والجيزة، لا سيما في مجالات الصحة والتعليم والإسكان. ومع استمرار الحرب، تتزايد موجات النزوح، في تحدٍّ إنساني واقتصادي هائل لا يمكن تحمّله إلى ما لا نهاية.
ثانيًا: تهديد مباشر للأمن القومي
الحدود المصرية – السودانية، الممتدة لأكثر من 1،200 كيلومتر، أصبحت أكثر عرضة للانفلات الأمني وتهريب السلاح والمسلحين. وهذا يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري، ويُعيد إلى الأذهان تجارب مريرة في التعامل مع الإرهاب والجريمة المنظمة.
ثالثًا: خسائر اقتصادية فادحة
السودان يشكل عمقًا استراتيجيًا واقتصاديًا لمصر، من خلال مشاريع زراعية وتجارية عابرة للحدود. الحرب عطلت مشاريع تكامل إقليمي مهمة، وقلصت فرص التبادل التجاري ونقل البضائع عبر السودان إلى عمق القارة الإفريقية. النتيجة: خسائر اقتصادية متراكمة وإهدار لفرص واعدة.
رابعًا: انعكاسات إقليمية ودولية خطيرة
استمرار الحرب يفتح الباب على مصراعيه لتعدد التدخلات الخارجية وتكريس الانقسام داخل السودان، مما يُهدد استقرار منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي. ومصر، التي تسعى لتكريس مكانتها كركيزة توازن واستقرار في الإقليم، تدرك تمامًا أن مزيدًا من الفوضى سيضعف دورها القيادي ويزيد من هشاشة المنطقة.
ماذا تفعل مصر فعلًا؟
منذ اللحظة الأولى، لم تتوقف القاهرة عن بذل الجهود السياسية والدبلوماسية. استضافت جولات من الحوار السوداني – السوداني، وأكدت مرارًا دعمها لوحدة السودان وسلامة أراضيه، ورفضها لأي مسارات تقود إلى التقسيم أو استمرار القتال.
كما شاركت مصر بفعالية في اجتماعات اللجنة الرباعية (مصر، السعودية، الإمارات، الولايات المتحدة)، في محاولة لصياغة مسار سياسي يُنهي الحرب ويفتح الباب أمام السلام الشامل.
ورغم الأوضاع الاقتصادية الضاغطة، أبقت مصر أبوابها مفتوحة للاجئين السودانيين، وقدّمت دعمًا إنسانيًا حقيقيًا دون تمييز، وهو موقف أخلاقي لم تلتزم به بعض الأطراف الأخرى.
من المستفيد من التشكيك؟
التشكيك في نوايا مصر لا يخدم سوى أجندات مشبوهة، تسعى لضرب الدور المصري وتعطيل أي مسعى جاد نحو إنهاء الأزمة. هي رواية تصبّ في مصلحة مليشيات عابرة للحدود، وقوى إقليمية ودولية لا ترى في السودان إلا ساحة صراع بالوكالة.
في الختام...
مصر لا تسعى للحرب في السودان، لا من باب الأخلاق ولا من منطلق المصلحة. هي أول المتضررين من هذا النزاع، وكانت – ولا تزال – أول من يسعى لإطفاء نيرانه.
وبدلًا من التشكيك والتشويه، دعونا نركّز على دعم كل جهد صادق يحفظ السودان موحدًا وآمنًا، لأن ما يحدث في الخرطوم لا تتوقف أصداؤه عند حدود النيل، بل تمتد لتُهدد سلام الإقليم واستقراره بأسره.
أخبار متعلقة :