نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مشاهد العنف تلوث عقول الأطفال.. والرقابة مسؤولية الآباء - الهلال الإخباري, اليوم الأحد 15 يونيو 2025 11:30 مساءً
تحقيق: أمير السني
تحمل مشاهد العنف تأثيرات خطِرة على الأطفال، إذ تترك بصمات سلبية على نموهم النفسي والاجتماعي والسلوكي وبحسب مختصين في الطب النفسي، فإن حجم التأثير يتفاوت لعوامل متعددة، من بينها نوع العنف وتكرار التعرض له وعمر الطفل وظروفه الأسرية والتعليمية.
وقد سهّل عصر التكنولوجيا والإنترنت، تعرض الأطفال لهذه المشاهد عبر المنصات الإلكترونية وألعاب الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي، لذا يوصي الأطباء بتحمل الآباء مسؤولية مراقبة ما يشاهده أطفالهم وتوجيههم بوعي، للحد من الانعكاسات السلبية على صحتهم النفسية وسلوكهم العام، لاسيما أن مشاهدة جرائم مثل القتل والحوادث، يمكن أن تسبب الصدمة والقلق والاكتئاب، وتؤثر في النوم والتركيز.
توضح الدكتورة ندى بشير استشارية الطب النفسي، أن مشاهدة جرائم القتل والحوادث العنيفة يمكن أن تترك آثاراً عميقة على الإنسان، سواء كان بالغاً أم طفلاً، فتؤثر في صحته النفسية والعقلية بشكل سلبي. ولفتت إلى أن الأطفال هم الأكثر عرضة لتأثيرات هذه المشاهد بسبب تطورهم النفسي والعاطفي الهش.
وأكدت أن البحوث العلمية أظهرت أن مشاهدة جرائم القتل والحوادث يمكن أن تسبب الصدمة والقلق والاكتئاب وتؤثر في النوم والتركيز وتزيد من خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة وبالنسبة للأطفال، فإن هذه المشاهد يمكن أن تتسبب في الفزع والخوف وتؤثر في ثقتهم بأنفسهم ونظرتهم للعالم بصورة سلبية.
وشددت على دور الآباء في تقليل تعرض أطفالهم للمشاهد ذات الطابع العنيف وتوجيههم نحو المشاهدة الإيجابية والمحفزة عن طريق الحوار والتحدث معهم بشكل مناسب وتوفير بيئة آمنة ومشجعة، كما يمكن تقديم الدعم العاطفي والتوجيه للأطفال في التعامل مع تلك المشاهد بطريقة صحية.
بدائل مفيدة
اقترحت الدكتورة ندى، استشارية الطب النفسي، تقديم الأنشطة الترفيهية الإيجابية والمساعدة في تحفيز مشاعر الأمان والطمأنينة لدى الأطفال والعمل على تقليل تعرضهم لمشاهد جرائم القتل والحوادث ودعمهم في كيفية التعامل مع تلك المشاهد بطريقة صحيحة، حيث يمكن أن يسهم ذلك في الحفاظ على صحتهم النفسية والعقلية وتقليل الآثار السلبية.
وتشير إلى أهمية تعزيز الشعور بالأمان لدي الأطفال عن طريق بناء علاقة قوية معهم مبنية على الحب والثقة في قدراتهم على التعامل مع المواقف الصعبة والمختلفة، إضافة إلى البحث عن المساعدة النفسية الاحترافية في حال ظهور أي تغيرات ملحوظة في سلوكيات الطفل أو علامات القلق الشديد والخوف اللامبرر لمساعدته على تجاوز هذه المشكلة بشكل صحي.
عنف مكتسب
ومن جانبه، يوضح الدكتور عثمان السيد، استشاري الطب النفسي، أن المشاهدة المكثفة للعنف ومقاطع الجرائم والقتل من خلال المنصات الإلكترونية، قد تسبب عدوانية لدى الأطفال، ما يدفعهم لتقليد العنف الذي يشاهدونه، كذلك يؤدي للإصابة بالإحباط والاكتئاب والكثير من المشكلات العاطفية والسلوكية وسهولة الغضب وعدم القدرة على التحكم في الانفعالات.
ويشير إلى أن أهم الاضطرابات النفسية التي قد تحدث نتيجة تكرار هذه المشاهدات، هو تعرض الأطفال والمراهقين لاضطراب ما بعد الصدمة وأعراضها النوم المتقطع وغالباً ما يكون مصحوباً بالكوابيس أو الرعب والارتباك والغضب وردود فعل عاطفية مفاجئة أو شديدة وصعوبة في التركيز والتفكير وفقدان الاهتمام بالأشياء.
ويشدد على أن حماية الأبناء من الخطر النفسي لمشاهدة مقاطع الجرائم والقتل يتطلب اتخاذ عدة خطوات منها استخدام الإعدادات العائلية لمنع الوصول إلى محتوى غير مناسب، إضافة إلى تقديم الدعم العاطفي للأبناء عند ظهور حالات القلق أو الضيق والبحث عن مساعدة من مستشار نفسي إذا كان الأمر ضرورياً.
أعراض سلوكية
تبين الدكتورة فرح طارق الجبوري استشاري طب الأطفال، أن عصر التكنولوجيا والإنترنت، ساعد في الوصول إلى المحتوى العنيف بسهولة وأصبح الأطفال يتعرضون لمشاهد العنف عبر المنصات الإلكترونية والأفلام وألعاب الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي، هذه العوامل تجعلهم عرضة للتأثر بمحتوى غير ملائم لأعمارهم، فهم يجدون أنفسهم محاطين بمشاهد تصوّر العنف كجزء من الحياة اليومية.
وتحذِّر من أن يؤدي التعرض المستمر لمحتوى العنف إلى شعور الأطفال بعدم الأمان، فقد يعتقدون أن العالم مملوء بالتهديدات، ما يزيد من مستوى القلق والخوف لديهم، فالطفل يميل إلى تقليد، ما يراه ففي حال شاهد مشاهد عنيفة فقد يبدأ في تقليد هذه السلوكيات في حياته اليومية، ما يؤدي إلى سلوكيات عدوانية أو مشكلات في العلاقات مع الأقران.
وتشير إلى أن مشاهدة المحتويات العنيفة قد تسبب مشكلات في العلاقات الاجتماعية والسلوك داخل المدرسة، لذا من الضروري على الآباء مراقبة المحتوى الذي يشاهده أطفالهم واستخدام أدوات التحكم الأبوي وفضح الرسائل الخفية في بعض المشاهد.
كما تدعو إلى أن يلعب المجتمع دوراً فعالاً في التوعية بمخاطر محتوى العنف، حيث يمكن للمدارس تنظيم ورش عمل توعوية للآباء والطلاب ويمكن للجهات الحكومية تنظيم حملات توعية لزيادة الوعي حول أهمية المحتوى المناسب للأطفال.
وتقول: إن مشاهدة الأطفال لمحتوى العنف تعتبر قضية حساسة تتطلب معالجة شاملة، عبر الفهم العميق للتأثيرات السلبية وتطبيق استراتيجيات فعّالة للحد من التعرض لهذا المحتوى ويمكن للآباء والمربين حماية الأطفال وتعزيز نموهم الصحي.
توضح نجاح عثمان، الأخصائية الاجتماعية، أن الشاشات تُشكل نافذة على عالم قد يكون مملوءاً بالعنف، ما يعرض الأطفال لمشاهد مؤذية تؤثر في تكوين شخصيتهم وتجعلهم أكثر عرضة لتقليد السلوكيات، ما يؤدي إلى غياب مشاعر التعاطف والرحمة ويجعلهم ينظرون إلى العنف كشيء طبيعي ومقبول.
وتشير إلى أن تأثير العنف المرئي لا يقتصر على الحالة النفسية للطفل، بل يتعداه إلى سلوكه اليومي، فالأطفال والمراهقون غالباً ما ينقلون إثارتهم وعنفهم إلى مدارسهم وأماكن وجودهم، ما يؤدي لزيادة حالات التعدي والتنمر بين الأقران.
وترى أن بعض الأطفال يحاولون تقليد ما شاهدوه من أعمال عنيفة، ما يؤدي إلى وقوع حوادث مؤلمة وإصابات خطرة، حيث أظهرت العديد من الدراسات أن هناك علاقة مباشرة بين مشاهدة العنف والتصرفات العدوانية لدى الأطفال. ومن أبرز هذه الدراسات، دراسة أجريت في الولايات المتحدة، أظهرت أن الأطفال الذين يشاهدون كميات كبيرة من البرامج العنيفة يميلون إلى أن يكونوا أكثر عدوانية من أقرانهم وأشارت دراسة أخرى إلى أن الأطفال الذين يشاهدون أفلام الرعب يصبحون أكثر عرضة للإصابة بالأرق والكوابيس.
ولفتت إلى دراسات أجرتها منظمة الصحة العالمية، تشير إلى أن الأطفال الذين يتعرضون لمحتوى عنيف بشكل متكرر يكونون أكثر عرضة للإصابة باضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق وزيادة احتمال ممارستهم سلوكيات عنيفة.
الوقاية
توصي نجاح عثمان الآباء والمعلمين والمجتمع ببذل جهود مشتركة لحماية الأطفال من العنف المرئي، بمراقبة المحتوى والمنصات والألعاب الإلكترونية، وتشجيع الأطفال على التحدث عن مشاعرهم ومخاوفهم والرد على أسئلتهم حول العنف بطريقة صريحة وواضحة وتوفير بدائل صحية مثل القراءة واللعب وممارسة الرياضة.
وتقول: إن المدرسة عليها أن تلعب دوراً فعالاً في توعية الطلاب وأولياء الأمور بمخاطر العنف المرئي، إذ إن حماية أطفالنا من آثار العنف المرئي مسؤولية مشتركة تقع على عاتق جميع أفراد المجتمع، فمن خلال التوعية والوقاية يمكننا بناء جيل جديد أكثر سلامة وسعادة.
0 تعليق