نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
في ذكرى رحيله.. أسامة أنور عكاشة "ضمير الدراما المصرية" الذي حول الشاشة إلى مرآة للمجتمع - الهلال الإخباري, اليوم الأربعاء 28 مايو 2025 10:37 صباحاً
تحل اليوم 28 مايو، الذكرى الخامسة عشرة لرحيل الكاتب والسيناريست الكبير أسامة أنور عكاشة، أحد أبرز أعمدة الدراما المصرية والعربية، الذي غادر عالمنا في عام 2010 بعد أن خلّد اسمه في وجدان ملايين المشاهدين بأعماله التي حفرت عميقًا في الذاكرة الجماعية، لم يكن عكاشة مجرد كاتب دراما، بل كان مفكرًا اجتماعيًا وسياسيًا عبّر عن قضايا المواطن المصري البسيط، وطرح رؤاه الجريئة حول الهوية، والانتماء، والتغيرات الثقافية التي عصفت بالمجتمع، وبين محطات حياته ومسيرته، نعود لنتأمل بصماته الباقية، في ذكرى غيابه التي تُعيده حيًا في كل مشهد وكلمة كتبها.
نشأة مبكرة شكلت وجدانه
وُلد أسامة أنور عكاشة في 27 يوليو عام 1941 بمدينة طنطا بمحافظة الغربية، لكنه انتقل في طفولته إلى مدينة كفر الشيخ بسبب عمل والده هناك.
واجه عكاشة فقدان والدته في عمر مبكر لم يتجاوز السادسة، وهو الحدث الذي ترك أثرًا نفسيًا بالغًا، تجلى لاحقًا في كتاباته التي امتلأت بمشاعر الفقد والحنين والبحث عن الحنان.
المسيرة التعليمية وبداية الوعي
التحق عكاشة بكلية الآداب بجامعة عين شمس، وتخرج عام 1962 من قسم الدراسات النفسية والاجتماعية.
تنقل بعد تخرجه بين عدد من الوظائف، بدءًا من العمل كأخصائي اجتماعي، إلى التدريس في أسيوط، ثم العمل في العلاقات العامة بديوان محافظة كفر الشيخ، وأخيرًا أخصائيًا في رعاية الشباب بجامعة الأزهر، قبل أن يقرر عام 1982 التفرغ للكتابة، وهو القرار الذي مهد لانطلاق واحد من أعظم الأقلام التي كتبت للدراما في العالم العربي.
انطلاقة درامية خالدة
لم يكن دخول عكاشة إلى عالم الدراما صدفة، بل جاء تتويجًا لسنوات من النضج الفكري والرؤية الاجتماعية العميقة. بدأ في كتابة المسلسلات خلال السبعينيات، لكن نجوميته الحقيقية بزغت في الثمانينيات، مع سلسلة من الأعمال التي غيّرت ملامح الشاشة المصرية.
من أبرز أعماله: ليالي الحلمية، الشهد والدموع، أرابيسك، زيزينيا، الراية البيضاء، ضمير أبلة حكمت، رحلة أبو العلا البشري، والمصراوية.
جميعها أعمال جسّدت أفكاره حول الهوية الوطنية، والعلاقة بين المواطن والدولة، وهموم الطبقة الوسطى.
السينما والمسرح.. حضور أقل ولكن بارز
رغم أن عكاشة لم يكن غزير الإنتاج في السينما، إلا أن أفلامه تركت بصمة، مثل: كتيبة الإعدام، دماء على الإسفلت، الهجامة.
أما في المسرح، فقدّم أعمالًا مثل: القانون وسيادته، البحر بيضحك ليه، الناس اللي في الثالث.
تميزت نصوصه المسرحية بنفس العمق الذي اتسمت به أعماله التلفزيونية، وغلب عليها الطابع السياسي والاجتماعي.
رؤية نقدية للمجتمع والسلطة
لم يكن عكاشة كاتبًا فحسب، بل كان مثقفًا حقيقيًا صاحب موقف، عرف عنه جرأته في التعبير عن رأيه في القضايا السياسية، وانتقاده للتيارات الظلامية، ورفضه لتزييف الوعي.
حملت أعماله نقدًا مبطنًا وأحيانًا مباشرًا للسلطة والفساد والانتهازية، ما جعلها وثائق درامية تُقرأ وتُحلل بعمق حتى بعد عقود من عرضها.
حياته الشخصية.. محطات هادئة
تزوج أسامة أنور عكاشة مرتين، كانت زوجته الأولى تُدعى سهير، ثم تزوج من السيدة عبير عبد المجيد، ورغم شهرته، كان بعيدًا عن الأضواء فيما يتعلق بحياته الخاصة، مُفضلًا أن تكون أعماله هي من تتحدث عنه أمام الجمهور.
الوفاة وخسارة لا تُعوّض
في صباح الجمعة 28 مايو 2010، أسلم عكاشة الروح عن عمر ناهز 68 عامًا، بعد صراع مع مرض السرطان.
رحل وهو في غرفة العناية المركزة بمستشفى وادي النيل بالقاهرة، تاركًا فراغًا كبيرًا في الساحة الثقافية والفنية. ورغم مرور 15 عامًا على وفاته، لا تزال أعماله تُعرض على الشاشات وتُدرس في المعاهد وتلهم كتّاب الدراما من بعده.
إرث خالد في وجدان الأمة
استحق عكاشة عن جدارة لقب "ضمير الدراما المصرية"، فقد قدّم محتوى يُحترم، يرتقي بذائقة المشاهد، وينحاز للإنسان في جوهره، لم يكن ترفًا ثقافيًا، بل كان ضرورة مجتمعية، وبقي إرثه شاهدًا على قدرة الفن على التغيير، وعلى أن الكلمة المكتوبة بإخلاص تعيش أكثر من صاحبها.
0 تعليق