أحمد الشيخ يكتتب: التكنولوجيا كلمة السر في التسهيلات الضريبية الجديدة - الهلال الإخباري

الفجر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أحمد الشيخ يكتتب: التكنولوجيا كلمة السر في التسهيلات الضريبية الجديدة - الهلال الإخباري, اليوم الاثنين 12 مايو 2025 09:43 مساءً

في خطوة جريئة ومهمة، أطلقت وزارة المالية المصرية حزمة من التسهيلات الضريبية الجديدة التي تُعد بمثابة نقلة نوعية في سياسة الدولة الاقتصادية، لا تمثل الحزمة مجرد تحسينات إدارية، بل هي تعبير عن رؤية استراتيجية تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص. 

وهذه الإصلاحات الضريبية ستفتح أمام الشركات الناشئة والصغيرة فرصًا غير مسبوقة للنمو والابتكار، وتوفر بيئة أعمال ملائمة لتطوير المشاريع الاقتصادية.

 

التسهيلات الضريبية.. دعم ملموس للمستثمرين

 

من أبرز ما تم الإعلان عنه في حزمة التسهيلات الضريبية الجديدة هو التوسع في استخدام التكنولوجيا والأنظمة الإلكترونية، والتى بدأت بنظان الفاتورة الإلكترونية ثم الإيصال الإلكتروني، وتقديم الإقرارات إلكترونيا، ثم امتدت إلى عملية الفحص الضريبي، وإتاحة نماذج تسوية المنازعات الضريبية إلكترونيًا، والمقاصة الإلكترونية، وهي خطوة لا تُعد مجرد تحديث إداري، بل هي تحول نوعي في فلسفة العمل الضريبي في مصر. 

 

في السابق، كانت عمليات الفحص الضريبي تعتمد إلى حد كبير على الأساليب اليدوية والتقديرية، مما كان يفتح الباب أمام اجتهادات الموظفين، بل وأحيانًا أمام التقديرات المبالغ فيها أو غير الدقيقة، وهو ما كان يُثقل كاهل المستثمرين، خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة، ويجعلهم في حالة دائمة من القلق وعدم القدرة على وضع خطط مالية طويلة الأمد.

 

اليوم، ومع اعتماد نظام الفحص بالعينة المدعوم بأنظمة إلكترونية متقدمة، أصبح بالإمكان تقليص هامش الخطأ البشري والحد من التدخلات الشخصية، بما يضمن عدالة الفحص وشفافيته، هذا النظام لا يُخفف فقط العبء النفسي عن المستثمرين، بل يُوفر لهم بيئة يمكن التنبؤ بها، حيث يعرف المستثمر مسبقًا المعايير التي ستُفحص بناءً عليها ملفاته الضريبية، مما يُمكنه من إعداد وثائقه ومستنداته مسبقًا دون مفاجآت.

 

إضافة إلى ذلك، يُسهم الاعتماد على التكنولوجيا في تسريع عملية الفحص وتقليل مدتها الزمنية، وهوما سيؤدى إلى تقليل التدخل البشري وبالتالى تقليل الخطأ فى التقدير إلى حد كبير والتقديرات الجزافية التي ما دام أرهقت الممولين، وهو أمر بالغ الأهمية لأن التأخيرات الطويلة كانت تُعطّل أعمال الشركات وتُقيد السيولة لديها بسبب تجميد بعض المبالغ أو التأخيرات في رد ضريبة القيمة المضافة، على سبيل المثال.

 

 الأنظمة الإلكترونية، بما فيها النشر المسبق للمستندات المطلوبة للفحص، تُعزز من قدرة الشركات على الامتثال بشكل أفضل وأسرع، مما يُوفر وقتًا وجهدًا للطرفين: الدولة والممول.

 

الأهم من كل هذا أن الرقمنة تفتح الباب أمام تحليل البيانات الضريبية بشكل أكثر دقة، مما يساعد الدولة نفسها على اتخاذ قرارات مالية واقتصادية مبنية على معطيات دقيقة وواقعية، بدلًا من تقديرات غير محسوبة، من هنا، تتحقق الفائدة المزدوجة: المستثمرون يعملون في بيئة أكثر عدالة ووضوحًا، والدولة ترفع كفاءتها في التحصيل وتحسين مواردها.

 

في النهاية، يُمكن القول إن التوسع في استخدام التكنولوجيا داخل المنظومة الضريبية هو بمثابة العمود الفقري لهذه الحزمة الجديدة من التسهيلات، لأنها تُرسي قواعد حديثة لإدارة العلاقة بين الدولة والمستثمر، قواعد تقوم على الثقة والشفافية والعدالة، وهو ما يُعزز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في الاقتصاد المصري ككل.

 

كما تضمنت التسهيلات وضع حد أقصى لمقابل التأخير لا يتجاوز أصل الضريبة، وهو ما يساعد على تقليل الأعباء المالية الناتجة عن تأخير السداد، مما يخلق بيئة أكثر استقرارًا للمستثمرين. هذا التوجه يتماشى مع رؤية الحكومة لخلق بيئة تشجع على الدفع المباشر للضرائب دون الخوف من الغرامات المبالغ فيها.

 

أما فيما يخص المقاصة الإلكترونية، فقد أصبح من الممكن للمستثمرين تسوية مستحقاتهم الضريبية بسرعة وكفاءة، بالإضافة إلى عودة ضريبة القيمة المضافة للمستثمرين. هذه الإجراءات تسهم بشكل كبير في تعزيز السيولة لدى الشركات، وتشجعهم على الانخراط في الاقتصاد الرسمي، وهو ما ينعكس إيجابيًا على استدامة النمو الاقتصادي.

 

الشركات الناشئة.. قلب الإصلاحات الاقتصادية

 

من بين الفئات التي ستحظى بنصيب كبير من هذه التسهيلات هي الشركات الناشئة ورواد الأعمال، التي تعد المحرك الأساسي للابتكار والنمو في الاقتصاد المصري، ومن خلال التسهيلات الجديدة، يتمكن هؤلاء من الاستفادة من فرص كبيرة للنمو دون القلق بشأن الإجراءات البيروقراطية والضريبية المعقدة. 

ومن أبرز هذه التسهيلات هو نظام "الرأي المسبق"، الذي يتيح للمستثمرين الحصول على مشورة ضريبية بشأن خطواتهم المستقبلية، مما يعزز قدرتهم على التخطيط المالي ويساهم في تقليل المفاجآت الضريبية السلبية.

 

إصلاحات قانونية محفزة لطمأنة للمستثمرين

 

إلى جانب التسهيلات الضريبية، تم أيضًا الإعلان عن قانون "تسوية أوضاع الممولين الجدد"، الذي ينص على إعفاء كامل من المحاسبة الضريبية عن الفترات السابقة للمستثمرين الذين يسجلون في النظام الضريبي قبل 12 مايو 2025، والذي يوافق اليوم وإن كنت أعتقد أن السيد وزير المالية أحمد كجوك قد يمد هذه المهلة لإعطاء فرصة أكبر للممولين هذا القانون يُعد خطوة هامة نحو بناء ثقة المستثمرين في النظام الضريبي المصري، حيث يُمكنهم من الانخراط في الاقتصاد الرسمي دون الخوف من أي غرامات عن الفترات السابقة.

 

كما تضمن الإصلاحات الإعلان عن آليات لتسوية المنازعات الضريبية بطرق مبسطة، من خلال استراتيجيات مثل التقسيط الشهري للضريبة المستحقة دون فرض أي غرامات إضافية، وهو ما يساهم في خلق بيئة استثمارية أكثر استقرارًا وجذبًا.

 

رسالة ثقة لشركات المستقبل

 

الهدف الأساسي من هذه الإصلاحات ليس فقط تخفيف الأعباء الضريبية، بل أيضًا بناء علاقة أكثر توازنًا بين الدولة والمستثمرين، وهي علاقة تعتمد على الثقة المتبادلة. 

 

كان من المعتاد أن تهيمن الشكوك والصدامات على العلاقات بين القطاعين العام والخاص، لكن اليوم نرى تحولًا نحو شراكة تقوم على التعاون والتفاهم، وهو ما يعكس تطورًا إيجابيًا في استراتيجية الحكومة المصرية.

 

من خلال هذه الإصلاحات، توفر الدولة بيئة أعمال تحفز الشركات الصغيرة والمتوسطة على الاستمرار والنمو، ما يعزز من القدرة التنافسية لمصر على المستوى العالمي. إذ أن هذا التوجه يعكس اهتمامًا حقيقيًا في تطوير القطاع الخاص كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي الشامل.

 

مرحلة جديدة للاقتصاد المصري

 

لا شك أن هذه التسهيلات الضريبية تمثل بداية مرحلة جديدة للاقتصاد المصري، حيث تؤكد الدولة على رغبتها الجادة في تعزيز الاستثمار الخاص وتحفيز الشركات الناشئة، إذا تم تطبيق هذه الإصلاحات بشكل فعال، يمكننا أن نتوقع تحولًا إيجابيًا في مناخ الاستثمار، وتحقيق بيئة اقتصادية أكثر شفافية وتنافسية، بالنظر إلى التوجهات العالمية، فإن مصر اليوم تُقدم نموذجًا يُحتذى به في كيفية استخدام السياسات الضريبية كأداة لدعم رواد الأعمال وتعزيز النمو الاقتصادي الشامل.

 

إجمالًا، تمثل هذه الحزمة من التسهيلات الضريبية خطوة استراتيجية نحو تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وهي رسالة واضحة للمستثمرين المحليين والدوليين بأن مصر تسير على الطريق الصحيح لتصبح بيئة أعمال جاذبة ومرنة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق