بعد تصدرهم التريند.. ماذا تعرف عن الدروز؟ - الهلال الإخباري

الفجر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بعد تصدرهم التريند.. ماذا تعرف عن الدروز؟ - الهلال الإخباري, اليوم الأربعاء 16 يوليو 2025 06:16 مساءً

 

الدروز.. تصدر محركات البحث خلال الساعات القليلة الماضية وذلك تزامنًا مع تطورات الأوضاع في السويداء السورية، لذلك نستعرض إليكم جميع التفاصيل حول الطائفة الدروزية.

ماذا تعرف عن الدروز؟


الدروز طائفة دينية ذات خصوصية فكرية وروحية، نشأت في بدايات القرن الحادي عشر الميلادي، ولا تزال حتى اليوم تحتفظ بتقاليد عقائدية مغلقة، وهو ما أضفى على وجودها بعدًا من الغموض والتميز في آن. رغم قلة عددهم مقارنة بغيرهم من الطوائف، كان للدروز دور محوري في محطات تاريخية وسياسية مفصلية في سوريا ولبنان وفلسطين. تتوزع الطائفة اليوم بين الولاء الوطني والخصوصية المذهبية، بين السعي للمشاركة السياسية والرغبة في الحفاظ على الانعزال العقائدي.

النشأة والمرجعية العقائدية


ظهرت الدعوة الدرزية في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله في مصر خلال أوائل القرن الحادي عشر. ويُعتبر حمزة بن علي بن أحمد المؤسس العقائدي للطائفة، حيث وضع أسس المذهب المعروف عند أتباعه باسم "التوحيد". اعتمدت الدعوة على مفاهيم فلسفية وصوفية، منها التناسخ واعتبار العقل جوهر الوجود، إضافة إلى تفسير رمزي للكتب السماوية. في عام 1043، أُغلق باب الدعوة نهائيًا، ومنذ ذلك التاريخ اعتبر الدروز أن جماعتهم مغلقة على أتباعها، ولا يُقبل فيها معتنقون جدد.

الانتشار الجغرافي


يُقدر عدد الدروز في العالم بنحو مليون ونصف المليون، يتوزعون أساسًا على أربع دول:

سوريا: أكبر عدد من الدروز، يتركزون في محافظة السويداء وجبل العرب.

لبنان: يشكلون نحو 5% من السكان، ويتمركزون في جبل لبنان، خاصة في منطقتي الشوف وعاليه.

فلسطين التاريخية: يعيشون في الجليل والكرمل، ويحمل كثير منهم الجنسية الإسرائيلية.

الأردن: أقلية صغيرة تقطن شمال البلاد.


الهوية والانتماء


تميّز المجتمع الدرزي عبر تاريخه بانتماء مزدوج: ديني محافظ يقوم على عقيدة مغلقة، وقومي أو وطني حسب البلد الذي يعيش فيه. في لبنان، شارك الدروز بفاعلية في الحياة السياسية، وكان لهم زعماء بارزون مثل كمال جنبلاط ووليد جنبلاط. في سوريا، لعبوا دورًا مهمًا في الثورة السورية الكبرى عام 1925 بقيادة سلطان باشا الأطرش، ويعتبرون اليوم إحدى المكونات الأساسية للدولة. أما في فلسطين، فقد اختلفت مواقفهم بين المتماهين مع إسرائيل وبين من يحتفظون بهوية عربية واضحة.

التركيبة الاجتماعية والقيادة الروحية


يعرف المجتمع الدرزي نظامًا طبقيًا دينيًا غير معلن، يُقسم أتباعه إلى "العقال" وهم النخبة الدينية العارفة بتفاصيل العقيدة، و"الجهّال" وهم بقية العامة الذين لا يحق لهم الاطلاع على النصوص العقائدية. يقود الطائفة رجال دين يتمتعون بكاريزما واحترام، أبرزهم اليوم في لبنان شيخ العقل سامي أبي المنى، وفي سوريا مشايخ كبار في جبل العرب.

الخصوصية الدينية


لا يؤدي الدروز شعائر دينية ظاهرية كالصلوات الجماعية أو الصوم وفق التقاليد الإسلامية، ويعتبرون كتبهم الدينية سرية ولا تُتاح إلا لفئة العقال. لا يسعون إلى التبشير، ولا يقبلون بالتحول إلى مذهبهم، ما يضفي طابعًا انعزاليًا على عقيدتهم. يتبعون نظامًا صارمًا في الزواج داخل الطائفة، ويتمسكون بقيم الشرف والأمانة والانضباط.

الموقف من الدولة والسياسة


في الغالب، سعى الدروز إلى النأي بأنفسهم عن الصراعات الطائفية، مع الحفاظ على نفوذ سياسي متوازن. في لبنان، يتمثلون في البرلمان ويحملون مناصب وزارية. في سوريا، خاضوا العلاقة مع النظام بحذر، وظلوا في موقع شبه محايد رغم تصاعد الأزمة. في فلسطين، يشارك بعضهم في الجيش الإسرائيلي، بينما يرفض آخرون الخدمة العسكرية لأسباب قومية.

الحضور الثقافي والتاريخي


أسهم الدروز في الأدب والفكر والسياسة والقتال من أجل الاستقلال في أكثر من بلد. وكانوا في طليعة حركات المقاومة في سوريا ولبنان، كما قدموا مفكرين وأدباء بارزين، مثل فخري البارودي، وسلطان الأطرش، وكمال جنبلاط. وتمتاز ثقافتهم بالتشبث بالعادات والتقاليد، إلى جانب الولاء للقرية والعائلة والمشيخة.

الواقع الراهن والتحديات


تواجه الطائفة الدرزية اليوم تحديات معقدة أبرزها:

التحولات السياسية العنيفة في سوريا وتأثيرها على تماسك المجتمع الدرزي في جبل العرب.

تراجع الثقل السياسي في لبنان نتيجة الاستقطاب الطائفي والمذهبي.

الانقسام داخل المجتمع الدرزي الفلسطيني بشأن العلاقة مع إسرائيل.

محاولات بعض الأطراف الخارجية استغلال الأقليات، ومنها الدروز، لأهداف إقليمية، كما حدث في التدخلات الإسرائيلية الأخيرة في السويداء.


في النهاية، رغم أنها طائفة صغيرة في عددها، إلا أن الدروز شكّلوا مكونًا ثابتًا في نسيج المشرق العربي الحديث. خصوصيتهم الدينية وانخراطهم السياسي وموقفهم المتوازن، جعل منهم طائفة ذات تأثير يتجاوز حجمها. ومع ما تشهده المنطقة من متغيرات جذرية، تبقى الطائفة أمام خيارين صعبين: إما التكيّف مع الواقع المتغير والمشاركة السياسية المتوازنة، أو الانكفاء لحماية الذات في عزلة قد تكون مكلفة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق