عميد معهد الوراثة البشرية وأبحاث الجينوم لـ "الفجر": 10% من المصريين يحملون جينات أمراض وراثية.. والتحاليل الجينية ضرورة - الهلال الإخباري

الفجر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عميد معهد الوراثة البشرية وأبحاث الجينوم لـ "الفجر": 10% من المصريين يحملون جينات أمراض وراثية.. والتحاليل الجينية ضرورة - الهلال الإخباري, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 02:49 مساءً

تمثل الأمراض الوراثية خطرًا صحيًا واجتماعيًا متزايدًا، لا سيما في المجتمعات التي ترتفع فيها نسب زواج الأقارب، وتغيب عنها ثقافة الوقاية والتحاليل الجينية المبكرة. ومع إطلاق الدولة المصرية "المبادرة الرئاسية للكشف الأمراض الوراثية لحديثي الولادة"، بدأ الأمل يتجدد في حماية الأجيال القادمة من الإعاقات الذهنية والحركية.

في هذا الحوار الحصري، نستضيف الدكتور هشام فايق، عميد معهد الوراثة البشرية وأبحاث الجينوم بـ المركز القومي للبحوث، والذي يحدثنا عن أهمية هذه المبادرة، وخطورة زواج الأقارب، ودور مشروع "الجينوم المصري" في بناء خريطة صحية دقيقة للمجتمع المصري.

 

في البداية دكتور هشام، كيف ترى أهمية مبادرة السيد رئيس الجمهورية للكشف الأمراض الوراثية لدى الأطفال حديثي الولادة؟


المبادرة الرئاسية للكشف 19 مرضًا وراثيًا عند حديثي الولادة هي خطوة شجاعة واستراتيجية للغاية من الدولة المصرية. الهدف الأساسي منها هو Early Detection، أي الكشف المبكر عن هذه الأمراض، مما يسمح بالتدخل السريع قبل ظهور الأعراض أو تطور الإعاقة لدى الطفل. نحن في معهد الوراثة البشرية جزء فعّال من هذه المبادرة، نعمل جنبًا إلى جنب مع وزارة الصحة والجهات المعنية، ونشارك في حملات التوعية، والتحاليل الجينية، والدعم الفني.

ما هو الدور الأساسي الذي يقوم به معهد الوراثة البشرية في هذه المبادرة؟


المعهد له تاريخ طويل. بدأ في عام 1976 كقسم صغير للوراثة البشرية أسسته العالمة الجليلة د. سامية التمتامي، ثم تطور إلى أن أصبح الآن Human Genetics and Genomics Research Institute، ويضم أكبر مجموعة من الأطباء والباحثين في مجال Clinical Genetics وGenomic Medicine ليس فقط في مصر، بل في الشرق الأوسط.

نقوم بعمليات التشخيص الوراثي المتقدم، مثل DNA Sequencing وCarrier Screening، ونستقبل مرضى من كل أنحاء الجمهورية بل ومن خارج مصر أيضًا. وكوننا نمتلك هذه البنية التحتية والخبرة، كنا من أوائل الجهات التي تم تكليفها بالمشاركة في المبادرة الرئاسية.

ما هي أخطر الأمراض الوراثية المنتشرة في مصر حسب رصد المعهد؟


الأمراض الوراثية كثيرة جدًا، لكن من بين أخطرها في مصر Beta-Thalassemia أو ما يُعرف بـ "أنيميا البحر المتوسط". هذا المرض يحدث نتيجة خلل في الجين المسؤول عن تصنيع بروتين الجلوبين في الهيموجلوبين.

تشير الدراسات إلى أن نحو 10% من السكان في مصر يحملون الجين المتنحي المسبب لهذا المرض، دون أن يعلموا. والمشكلة تظهر عندما يتزوج شخصان حاملان للجين، فتكون هناك فرصة بنسبة 25% أن يُولد الطفل مصابًا بالمرض.

 لماذا تنتشر مثل هذه الأمراض في مناطق مثل الريف والصعيد بشكل أكبر؟


الإجابة واضحة جدًا: Consanguineous Marriages أو زواج الأقارب. في هذه المناطق، تصل نسبة زواج الأقارب إلى أكثر من 60% وفق تقديرات غير رسمية. المشكلة في هذا النوع من الزواج أنه يزيد من فرصة التقاء الجينات المتنحية المعيبة من كلا الوالدين، وبالتالي ظهور المرض في الأبناء.

نحن نؤمن أن Pre-marital Genetic Testing هو الحل الأمثل، خاصة في مثل هذه المناطق.

 

 كيف يمكن للأمهات اكتشاف إصابة الجنين بهذه الأمراض مبكرًا أثناء الحمل؟


التقدم العلمي أتاح لنا ما يُعرف بـ Prenatal Diagnosis. يمكننا الآن سحب عينة من Amniotic Fluid – السائل الأمنيوسي المحيط بالجنين – وتحليل الحمض النووي الموجود به لمعرفة إذا كان الجنين Carrier أو مصاب بأي من الأمراض الوراثية.

وهناك أيضًا تقنيات أكثر تقدمًا مثل Preimplantation Genetic Diagnosis (PGD) والتي تُستخدم في حالات الإخصاب المساعد، حيث يمكن اختيار الأجنة السليمة وراثيًا قبل الزرع في الرحم.

 هل توجد أدوية أو تدخلات تحد من المرض بعد الولادة؟


بالنسبة لمعظم Monogenic Disorders، لا يوجد علاج نهائي، ولكن يمكن التدخل مبكرًا لوقف أو تقليل تطور المرض. هناك حالات يمكن فيها استخدام Gene Therapy أو العلاجات الموجهة، لكن الأهم هو الوقاية. هذا هو المفهوم الأساسي لـ Preventive Genomics، أن نمنع المرض قبل حدوثه.

 

من خلال المبادرة، ما الإجراءات المقترحة للحد من انتشار الأمراض الوراثية؟


نقترح تطبيق إلزامي لـ Mandatory Carrier Screening للمقبلين على الزواج، كما هو مطبق في بعض الدول مثل قبرص وإيطاليا واليونان، وهي دول واجهت نفس المرض – Beta-Thalassemia – واستطاعت تقليصه بشكل كبير. لا نقول للأشخاص "لا تتزوجوا"، ولكن نُعطيهم المعلومات والخيارات الطبية، وهذا جوهر ما نُسميه Informed Decision-Making.

 دعنا ننتقل إلى ملف "الجينوم المصري".. ما الذي يمثله هذا المشروع للدولة والمجتمع العلمي؟


مشروع Egyptian Human Genome Project هو مشروع قومي استراتيجي بكل ما تحمله الكلمة من معنى. الهدف الأساسي هو إنشاء National Genomic Reference تُوضح التباين الجيني بين المصريين، وتُساعد في فهم انتشار الأمراض الوراثية، والسرطانات، وأمراض الاستقلاب، وغيرها.

هذه Genomic Map ستُساعد الدولة على وضع سياسات صحية دقيقة قائمة على الأدلة، وعلى تصميم أدوية موجهة تناسب التركيبة الجينية للمجتمع المصري – ما نُسميه Personalized Medicine.

 وهل بدأ العمل فعليًا على مشروع الجينوم المصري؟


نعم، المشروع بدأ بالفعل، وهناك فرق بحثية من مختلف المؤسسات تشارك فيه، من بينها معهد الوراثة البشرية. يوجد ممثلون لنا ضمن لجنة العمل، ونحن نساهم بالخبرات الفنية والتحليل الجيني. جاري الآن تجميع البيانات الجينية من آلاف العينات.

الهدف في النهاية هو الوصول إلى قاعدة بيانات ضخمة، متكاملة، تساعد الباحثين وصناع القرار على فهم الواقع الصحي الوراثي في مصر.

ما الرسالة التي توجهها للمقبلين على الزواج وأسرهم؟


رسالتي واضحة: Know Before You Decide. أي شخصين مقبلين على الزواج، خاصة من الأقارب، يجب أن يخضعا لتحاليل جينية، من بينها تحليل Hemoglobin Electrophoresis، لمعرفة مدى احتمال نقل المرض للأبناء.

كما أدعو الأمهات إلى متابعة الحمل بشكل دوري، خاصة لو كان هناك تاريخ مرضي في العائلة. العلم الآن بين أيدينا، والوقاية لم تعد خيارًا، بل ضرورة.

حوارنا مع الدكتور هشام فايق يضعنا أمام واقع علمي دقيق: أن الوقاية الوراثية تبدأ بالوعي، والتحليل، والتخطيط. والمبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأمراض الوراثية ليست فقط تدخلًا طبيًا، بل مشروعًا وطنيًا لإنقاذ الأجيال المقبلة من الألم والمعاناة. أما مشروع الجينوم المصري، فهو حجر الأساس الذي ستُبنى عليه سياسات الطب المستقبلي مصر.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق