نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من تحالف ناشئ إلى عملاق دولي.. كيف أصبحت 'بريكس' تهديدا حقيقيا للهيمنة الغربية؟ - الهلال الإخباري, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 05:22 صباحاً
في مشهد يتغير فيه وجه العالم بسرعة غير مسبوقة، تولد قوى جديدة تصطف لتتحدى أقدم وأقوى نظام هيمنة عرفته البشرية. في قلب هذا التحول، تقف مجموعة "بريكس" كرمز للنفوذ الصاعد، متجاوزة كونها تكتلًا اقتصاديًا إلى كابوس حقيقي يهدد مصالح الغرب القديمة. من قمة البرازيل الساخنة إلى الصراعات المالية العميقة، تبرز "بريكس" ليس فقط كخصم، بل كإعلان صريح بأن عصر الهيمنة الأحادية في طريقه إلى النهاية.
في لحظة فارقة تتجاوز البروتوكولات الدبلوماسية، انعقدت قمة مجموعة "بريكس" في البرازيل وسط أجواء مشحونة بتحديات سياسية واقتصادية، وعلى وقع تهديدات مباشرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وصف المجموعة صراحة بأنها "معادية للولايات المتحدة" مُشهرًا سلاح الرسوم الجمركية بوجه التكتل الصاعد. فهل بدأت واشنطن تخشى التحالف الجديد، أم أنها مجرد مناورة في صراع جيوسياسي أوسع؟
"بريكس" من فكرة إلى قوة عالمية لا يمكن تجاهلها
ما بدأ كفكرة بسيطة لبناء نظام اقتصادي عالمي أكثر توازنًا، بعيدًا عن قبضة الغرب وهيمنة الدولار، تحول اليوم إلى قوة لا يمكن تجاهلها. تأسست مجموعة "بريكس" على هذا المفهوم المحوري، ومع توسعها الأخير لتضم 11 دولة، انتقلت من مجرد تكتل ناشئ إلى لاعب رئيس على الساحة الدولية. هذا التوسع الاستراتيجي الذي وصفته وكالة "شينخوا" الصينية بأنه "يعزز التعاون العالمي الجنوبي من أجل تنمية شاملة"، منح المجموعة ثقلًا سياسيًا واقتصاديًا متزايدًا يثير قلق العواصم الغربية.
يرى محللون وخبراء أن "بريكس" رغم التحديات الداخلية الكبيرة التي تواجهها، تمضي قدمًا وبثبات في مسارها نحو تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب، وهو ما يثير حفيظة القوى التقليدية التي اعتادت على الهيمنة المنفردة.
الدولار في خطر.. "بريكس" تبحث عن بدائل جريئة
لطالما كان الدولار الأمريكي العملة المهيمنة التي لا تُنازع في التجارة العالمية والاحتياطيات الأجنبية، لكن "بريكس" تسعى جاهدة لتقليص هذا الاعتماد، في خطوة تمثل تحديًا مباشرًا لهذا الوضع الراهن. لم يخفِ ترامب استياءه الشديد من هذه المساعي، مُهددًا بفرض تعريفات جمركية قاسية على الدول التي تحاول "منافسة الدولار"، في محاولة واضحة لردع أي محاولة لتقويض العملة الأمريكية.
ورغم أن خبراء الاقتصاد يرون أن الدولار لن يفقد هيمنته بسهولة أو في المدى القصير، إلا أن تنامي مشاريع العملات الإقليمية والتفاهمات النقدية الثنائية بين أعضاء "بريكس"، خاصة بين عمالقة مثل الصين وروسيا والهند، يمثل خطوة استراتيجية جريئة نحو بناء نظام مالي عالمي أكثر تنوعًا ومرونة. هذه الخطوات وإن كانت لا تهدد الدولار بشكل مباشر وفوري، إلا أنها ترسم بوضوح ملامح مستقبل قد يشهد تراجعًا تدريجيًا لهيمنته المطلقة.
كشف الأوراق السرية.. لماذا يرتبك ترامب من "بريكس"؟
منذ نشأتها في العام 2009، لم تُخفِ "بريكس" طموحها في أن تكون تحديًا مباشرًا للهيمنة الأمريكية. في عالم اعتادت فيه واشنطن على فرض إرادتها كقوة أحادية، ظهرت "بريكس" كجبهة موحدة تقودها قوى صاعدة مثل الصين وروسيا، تطمح بوضوح إلى إعادة تشكيل النظام العالمي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية.
ومع توسع المجموعة الأخير إلى 11 دولة، ضمت دولًا مثل الأرجنتين، مصر، السعودية، الإمارات، وغيرها، الأمر الذي يهدد بزعزعة موازين القوى التقليدية، ما يجعلها "كابوس الغرب الجديد" كما وصفتها وسائل إعلام غربية.
التحديات الداخلية في "بريكس"
رغم النجاحات التي تحققت، تواجه "بريكس" تحديات جوهرية في التنسيق بين أعضاء متبايني الرؤى والمصالح، خاصة مع التنوع الجغرافي والسياسي الواسع. الصراعات الجيوسياسية بين بعض الدول الأعضاء، والاختلاف في السياسات الاقتصادية، يضعف أحيانًا من القدرة على اتخاذ قرارات موحدة، لكنه لا يوقف مسيرة المجموعة في التحول إلى قوة عالمية.
الرسوم الجمركية.. السلاح الأمريكي في مواجهة "بريكس"
في محاولة للحد من نفوذ "بريكس"، لجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى استخدام الرسوم الجمركية كأداة ضغط سياسي واقتصادي. فرض تعريفات جمركية على واردات من دول "بريكس" كان رسالة واضحة مفادها أن واشنطن لن تسمح لأي تحدٍ لأنظمتها المالية والتجارية أن يمر دون رد.
ورغم التحذيرات من الاقتصاديين حول تأثيرات هذه السياسات على المستهلك الأمريكي، إلا أن ترامب يراها وسيلة ضغط ضرورية للردع والسيطرة على اللاعبين الجدد. هذه المواجهة المفتوحة تضع العالم على مشارف صراعات تجارية قد تعيد رسم خريطة الاقتصاد الدولي.
تشكل "بريكس" تحديًا وجوديًا للغرب، ليس فقط عبر أرقام اقتصادية أو مشاريع مالية، بل عبر رؤية استراتيجية تعيد تشكيل النظام الدولي نحو تعددية القطبية. التوسع المستمر للمجموعة ورفضها الخضوع لهيمنة الدولار يبرزان كخطوات جريئة في اتجاه عالم أكثر توازنًا، حيث لا مركز وحيد للسلطة.
مواجهة واشنطن لهذا التحالف ليست فقط معركة تجارية أو مالية، بل صراع على شكل النظام العالمي ذاته ومستقبل العلاقات الدولية. في هذا السياق، يبدو أن "بريكس" ليست مجرد تكتل جديد، بل إعلان بداية عصر جديد قد يعيد رسم خريطة القوة العالمية بالكامل.
وفي ظل هذه الديناميكية المتسارعة، ستظل "بريكس" في بؤرة اهتمام الجميع، بين من يحذر من مخاطر انقسامات جديدة في النظام الدولي، ومن يرى فيها فرصة لإعادة التوازن الاقتصادي والسياسي العالمي بعيدًا عن احتكار قوة واحدة.
0 تعليق