لم يكن أبرز المتشائمين من أنصار «نيراتزوري ميلانو»، يتوقع ما يحدث الآن لمعشوقهم الأبدي، فبعد موسم بدأ بآمال معلّقة على تكرار الثلاثية التاريخية، انتهى المطاف بإنتر ميلان اليوم وسط دوامة من الخيبة، والتخبط، والانقسام.

حلم التتويج القاري الرابع للمرة الأولى منذ نهائي مدريد 2010، تحول إلى كابوس بخماسية مذلّة في ميونيخ، أمام باريس سان جيرمان، في نهائي دوري أبطال أوروبا، تبعته صدمة الخروج من كأس العالم للأندية على يد فلومينينسي البرازيلي في شارلوت الأمريكية، ما وضع الفريق في مواجهة نفسه، وجعل الجماهير تعيش واحدة من أسوأ اللحظات منذ عقد ونصف.

الضربة الأولى.. إنزاجي يرحل إلى الهلال

الضربة الأولى جاءت سريعا بعد صافرة النهاية في ميونيخ، فسيموني إنزاجي، الرجل الذي أعاد الفريق إلى منصات التتويج القاري، أعلن رحيله المفاجئ إلى الهلال، بعقد مغرٍ، بعد 3 أيام فقط من الخسارة المذلة أمام باريس، ليكتشف بعد ذلك أنه أتم اتفاقه مع الزعيم السعودي، قبل فترة من دوري الأبطال، تاركا خلفه فراغا فنيا، وإرثا لم يكتمل.

وبينما كانت الإدارة تبحث عن اسم كبير يعيد التوازن، فوجئ الجميع بتعيين كريستيان كيفو، ظهير أيسر الجيل الذهبي، رفقة جوزيه مورينيو، كمدرب للفريق الأول، خطوة لم تُقنع الجماهير ولا حتى اللاعبين.

الخروج من النهائي الأوروبي جاء بعد أن خسر الإنتر أيضًا لقب الدوري الإيطالي، لصالح نابولي، الذي استعاد المجد المحلي.

ومع توديع كأس العالم للأندية، تبخّر حلم الثلاثية، الذي كان الأول منذ ملحمة 2010 تحت قيادة مورينيو، ليبقى موسم 2024-2025 في ذاكرة الأنصار، باعتباره موسم «الفرص الضائعة».

غرفة ملابس مشتعلة.. لاوتارو يشعل النار

لكن الكارثة الأكبر لم تكن على أرضية الملعب فقط، بل تسلّلت إلى غرفة الملابس؛ إذ بدأت الانقسامات تظهر علنًا.

القائد لاوتارو مارتينيز لم يخفِ غضبه بعد الإقصاء من مونديال الأندية، موجّهًا كلمات حادة، قائلا: «من يريد البقاء فليبقى، ومن لا، فليغادر!»، رسالة لم تكن عشوائية، بل وُجهت بشكل غير مباشر إلى زميله هاكان تشالهان أوجلو، الذي ارتبط اسمه مؤخرا بالرحيل لجالتا سراي، وسط حديث عن رغبة في خوض تجربة جديدة.

كلمات لاوتارو وجدت صدى واسعًا، وأثارت انقسامًا في الفريق، خصوصا مع ظهور دعم من بعض اللاعبين لهاكان، أبرزهم ماركوس تورام، الذي أبدى تعاطفه مع زميله التركي، ما زاد من التوتر والانقسام داخل المجموعة.

ماروتا يراقب.. والجماهير تغلي

رئيس النادي بيبي ماروتا لم يُخفِ إدراكه لخطورة الوضع، مؤكدا أن الإدارة «ستتعامل مع الأمر»، لكنه بدا عاجزا أمام حجم التفكك الذي بدأ يعصف بثوابت النادي.

أما الجماهير، فلم تتأخر في التعبير عن استيائها، بين من يرى أن الإدارة تسرعت في تعيين كيفو، ومن يطالب برحيل بعض الأسماء المتخاذلة، وآخرين يحملون اللاعبين أنفسهم مسؤولية الانهيار، وبات واضحا أن الإنتر يقف على مفترق طرق حاسم.

أسابيع مصيرية في الانتظار

وباتت إدارة الإنتر مطالبة بإعادة لمّ الشمل، وضبط إيقاع غرفة الملابس، وتوضيح الرؤية الفنية في ظل حالة فقدان الثقة، وتعيين كيفو قد ينجح على المدى الطويل، لكنه محفوف بالمخاطر على المدى القريب، أما لاوتارو، فيبدو مستعدا لقيادة مرحلة جديدة، لكن بشرط الوضوح والانضباط داخل الصفوف.

في نهاية المطاف، ما يحدث في النيراتزوري ليس مجرد نكسة رياضية، بل أزمة هوية تهدد مشروعا كان يُنظر إليه قبل أشهر، كأحد أكثر المشاريع نضجا في أوروبا، فهل ينجح النيراتزوري في تجاوز العاصفة؟، أم أننا أمام بداية سقوط جديد لعِملاق لم يتعافَ بعد من لعنة 2010؟.