نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الثقافة الهزلية - الهلال الإخباري, اليوم الأربعاء 28 مايو 2025 01:40 صباحاً
فهذه حقيقة تاريخية شئنا تصديقها أم أبينا، وقد كان الأفراد يطلبون العلم شغفا به، والدول تطلبه وتحث عليه لمنافعه.
وقد كان مصدر العلوم والفكر إما كتابا أو عالما في مختلف المجالات، فكان باحث العلم الشغوف به يحمل بين طياته كتابا ويعود بآخر، ويسافر إلى الأمصار ليحصل على نسخة من كتاب رنان، ويقطع القوافي ليتحقق من كتاب شاع ذكره.
ثم يلتحق بحلقة اللغوي فلان إلى المحدث علان إلى الفقيه العلامة المحنك لأعوام.. ثم ينقطع في الصحاري بين البدو يتعلم اللغة الأصيلة والشعر الغريب والعلم النادر، وهكذا بعد أعوام طويلة وسنين عديدة ينضج العلم تحت جمرات السفر والسهر، فيضع لنا مائدة من العلوم فيها ما تشتهيه النفوس وتطيب له الخواطر.
فالعلم شغف وسهر ودأب ونضال، وفيه من المتعة رغم العناء ومن الحلاوة رغم الشقاء، ما يجعل النفوس تتلذذ بالسهر وتتغنى عليه بالتعب.
سهري لتنقيح العلوم ألذ لي
منْ وَصْلِ غَانِيَةٍ وَطِيبِ عِنَاقِ
وَصَرِيرُ أَقْلاَمِي عَلَى صَفَحَاتِهَا
أَحْلَى مِنَ الدَّوْكَاءِ وَالعُشَّاقِ
وَأَلَذُّ مِنْ نَقْرِ الفَتَاةِ لِدُفِّهَا
نَقْرِي لِأُلْقِي الرَّمْلَ عَنْ أَوْرَاقِي
وَتَمَايُلِي طَرَبًا لِحَلِّ عَوِيصَةٍ
فِي الدَّرْسِ أَشْهَى مِنْ مُدَامَةِ سَاقِي
وَأَبِيتُ سَهْرَانَ الدُّجَى وَتَبِيتُهُ
نَوْمًا وَتَبْغِي بَعْدَ ذَاكَ لَحَاقِي
أما اليوم حدث ولا حرج، فإن حصل على شهادة سهِر لأجلها عامين أو ثلاثة أصبح عالما، وإن كتب مقالا أو خاطرة عُدّ كاتبا أو شاعرا، أما إن ألف كتابا فله أن يتصدر المجالس ويتفوه في البرامج.. إنه لسخف وعار على جنبات الثقافة والعلم، فلا تجد متحدثا حقيقيا إلا بصعوبة رغم كثرتهم، ولا تجد كتابا نافعا إلا بشق الأنفس رغم تكدسهم.
إنه هراء، أن تسير أياما بين المكتبات وتضيِع ما لا فلا تجد ما تسهر عليه لتقرأه.. وتقلب البرامج شهرا فلا تجد ما يليق بك لتسمعه، بل تحول عينيك بين المسلسلات لتجد ما يسر خاطرك، فيزيدك ذاك هما ونكدا.
إذا كانت الفئة المثقفة على هذا النحو من الهبوط، فكيف بالعامة، وإذا كان المعلمون على النحو من الانحطاط فكيف بالمتعلمين..؟
ألا ليت شعري أين سنصل، و بأي هاوية سنصطدم..؟
لا تحسب المجد تمرا أنت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
0 تعليق