نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حين تصطدم النوايا الحسنة بالحياة - الهلال الإخباري, اليوم الأحد 11 مايو 2025 10:40 مساءً
في عالم مثالي، تكفي النوايا الحسنة لصنع الخير، لترميم العلاقات، ولبناء جسور من الثقة والود. لكن الواقع أكثر تعقيدا من أن يُدار بالنيات وحدها. فهناك لحظات تصطدم فيها النوايا الطيبة بجدار الحياة الصلب، فتتكسّر أو تتشوه أو يُساء فهمها.
قد تبدأ الحكاية بشخص يمنح من قلبه، يقدم دون انتظار، يسامح دون حساب، ويصبر طويلا بدافع الحب أو الوفاء. لكنه بعد حين يجد نفسه يواجه حقيقة مؤلمة: النية الطيبة وحدها لا تضمن النجاح ولا تصنع العدالة ولا تحفظ الكرامة.
في العلاقات خصوصا، تتجلى هذه الصدمة بوضوح. فكم من علاقة قامت على نوايا حسنة لكنها فشلت؟ وكم من طيبة نُظر إليها على أنها ضعف؟ أحيانا يُفسر العطاء المفرط على أنه تساهل، والصبر على أنه قلة حيلة، والتسامح على أنه قبول بالإهمال.
المشكلة ليست في النية، بل في غياب الوعي الذي يرافقها، لأن النية الحسنة إن لم تكن محاطة بحدود واضحة، ووعي عاطفي ناضج، قد تتحول إلى أداة تستنزف صاحبها. والأذكى من ذلك، أن تُختزل في عبارة «كان يقصد خيرا»، وكأن النوايا وحدها تبرر الأفعال، حتى المؤذية منها.
العلاقات السليمة لا تقوم على العطاء وحده، بل على التوازن. علاقة بلا توازن تتحول مع الوقت إلى عبء، مهما كانت بداياتها نقيّة. لذلك، من المهم أن يسأل الإنسان نفسه:
هل يُبنى على ما أقدمه شيء؟
هل تُفهم نواياي، أم أن الآخر اعتاد فقط على نتائجها؟
النية الحسنة لا تعني الغفلة، ولا تعني أن نُخضع أنفسنا للتجاوزات. هي لا تُلزمك بالتنازل عن كرامتك، ولا تفرض عليك أن تصمت حين يجب أن تتكلم، أو تبقى حين يجب أن ترحل، على العكس، الطيبة الواعية تعني أن تكون لطيفا ولكن حازما، كريما ولكن حذرا، محبا ولكن متزنا.
وهنا تأتي النصيحة الأهم: عامل الناس بحُسن، لكن لا تُفرّط بنفسك لأجل إثبات ذلك.
ضع حدودك، ليس كجدار صد، بل كطريقة لحماية قلبك وروحك. احرص على أن تكون طيبتك نابعة من قوة، لا من حاجة. ولا تخجل من مراجعة علاقاتك، حتى تلك التي بدأت بنيّة خيّرة.
لأن النية وإن كانت ثمينة، لا تُصلح علاقة وحدها، لكنها تضيء لك الطريق لتعرف متى تستمر ومتى تنسحب بكامل وعيك وكرامتك.
0 تعليق